عندما نتحدث عن إنجازات المرأة المغربية في المجال الرياضي، لابد أن يقفز إلى الذهن والقلب اسم البطلة الأولمبية السابقة نوال المتوكل، فالأمر يتعلق بأول امرأة مغربية وعربية وإفريقية ومسلمة تظفر بالذهب الأولمبي وسط عمالقة سباق 400 متر حواجز. عندما ترغب في الحديث أيضا عن مسار لافت لرياضية مغربية بعد أن أنهت مسارها كعداءة متميزة، لا شك أن اسم نوال المتوكل سيفرض نفسه بقوة.. لقد تابعت دراستها بالولايات المتحدةالأمريكية وتحدث الكثير من العوائق التي يمكن أن تضع حدا لمسار أي امرأة لها طموح جارف، ووجدناها تقتحم مجالا ظل البعض يعتبره حكرا على الرجال. عندما نرغب في إعطاء نموذج لرياضية مغربية نجحت في مجال التسيير وكتبت لنفسها اسما بارزا داخله، لابد أن نتحدث عن المتوكل، لقد بدأت رحلتها من المغرب من خلال جمعيتها تنمية ورياضة، حيث ظلت تنظم سنويا سباقا نسويا نال شهرة كبيرة، لكنه للأسف توقف بعد عشر دورات ناجحة، علما أنه ألهم الكثير من السباقات النسوية في العالم التي سارت على خطاه، ثم وجدنا المتوكل تصعد مدارج التسيير بثبات إلى أن أوجدت لنفسها مكانة داخل الاتحاد الدولي لألعاب القوى، حيث نسجت شبكة علاقات قوية، ثم واصلت حضورها الفعال وهي تدخل اللجنة الأولمبية الدولية، التي أصبحت النائب الأول لرئيسها، وتابعناها هنا وهناك، حيث ترأست لجنة اختيار المدن المرشحة لاحتضان الأولمبياد، وليس خافيا على أحد أهمية هذه اللجنة التي تجعل من يتبوأها هدفا لرؤساء وملوك عالم الدول المرشحة، أما اليوم فإن المتوكل هي رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد ريو 2016. على مستوى المسؤوليات الحكومية استوزرت المتوكل مرتين، بل إنها الوحيدة التي حصلت على مسؤولية وزارة الشباب والرياضة لمرتين، في وزارة لا يعود إليها عادة من يخرج منها. المتوكل مازالت تؤكد في كل مرة أن الرياضة المغربية في قلب اهتماماتها، لذلك فرغم انشغالاتها الكبيرة، فإنها تحرص على تنظيم أنشطة ذات بعد اجتماعي ورياضي،بالإضافة إلى ندوات لنفض الغبار عن ما يعتلي رياضتنا، وآخر هذه الندوات كانت أول أمس الثلاثاء، حيث نظمت بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تحت شعار «نجاحات نسائية في المجال الرياضي»، وكانت الندوة فرصة لتكريم رئيسة جامعة كرة الطائرة بشرى أحجيج، ومتسلقة الجبال مريم بورجة. هنا لابد أن نتساءل مرة أخرى وبصوت مرتفع، لماذا لا تستفيد الرياضة المغربية بشكل عام من خبرة وتجربة المتوكل؟ لماذا يظل هذا الإسم خارج دائرة صنع القرار، علما أن المتوكل التي جابت العالم طولا وعرضا هي اليوم خزان حقيقي للكثير من المعلومات والأفكار التي يمكن أن تطور رياضتنا؟ لمكر الصدف، لقد كانت المتوكل من الأوائل الذين دقوا ناقوس الخطر بخصوص مستقبل الرياضة المغربية، وقد كان تنظيمها للمناظرة الوطنية الثانية للرياضة بالصخيرات في 24 و25 أكتوبر 2008، إشارة مهمة، وجاءت الرسالة الملكية للمناظرة لتؤكد المخاوف، لكن للأسف الشديد بدل أن يحدث تغيير فعلي في الرياضة المغربية، وتنفض عنها الغبار وتبدأ عملية الإصلاح، فقد وقع «انقلاب» في الوزارة وغادرت المتوكل منصبها، مع أنه كان من المفروض أن تكمل ما بدأته. المتوكل، نموذج حقيقي للمرأة المغربية في المجال الرياضي، سواء كممارسة أو مسيرة، لقد ألهمت الكثيرين ومازالت، بل إنها تمد يدها للجميع، فلماذا لا يستفيد هذا الوطن من أبنائه وبناته، وممن بإمكانهم وضع الأمور في نصابها. المتوكل كنز ثمين لاتستفيد منه الرياضة المغربية كما يجب، أو أن هناك من لايريد لهذه الرياضة أن تستفيد منها..