تعد الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس للجمهورية التونسية اعترافا من جلالته لثورة الياسمين و دعما لها وهذا الصنيع مناقض تماما لملكيات الخليج التي عملت بكل ما أوتيت من قوة؛ بالمال و الملابس المستعملة والاغطية من اجل مصادرة حق الشعوب في الثورة على الاستبداد والاستعباد والفساد وإفشال تجربة الديمقراطية لدول الجوار والخوف من زحفها لكي لا تجتات الأفخاذ الجاثمة على الانوف (الثورة المصرية نموذجا)، هذا على مستوى البعد السياسي . اما على مستوى البعد الاقتصادي؛ فإلى جانب توقيع مجموعة من الاتفاقيات بين البلدين، فإن المتأمل والمتتبع لخطابات الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين وهو يدعو إلى إحياء الاتحاد المغاربي الذي ولد بمراكش سنة 1989 وهذا ليس من باب الترف أو المزايدات السياسية وإنما هو هاجس فكري لدى الملك وهذا واضح من خلال مساره العلمي حيث كان موضوع الاجازة في الحقوق سنة 1985هو "الاتحاد العربي الإفريقي واستراتيجية المملكة في مجال العلاقات الدولية". أضف إلى ذلك أطروحة الدكتوراه حول "التعاون بين السوق الأوروبية المشتركة واتحاد المغرب العربي"، يوم 29 أكتوبر 1993. وفلسفة الاندماج و الوحدة التي يؤمن بها ملك المغرب هي ما تؤكده الدراسات المستقبلية؛ حيث يؤكد البروفيسور المهدي المنجرة ان مسالة المغرب الكبير أصبحت مسالة وجودية وواقع فرض نفسه من أجل البحث عن حجم السوق الملائمة على الأقل في الشق الأدنى 150 مليون نسمة، خاصة وأننا نعيش في زمن التكتلات والكيانات الاقتصادية . كما أن هناك مجموعة من الثوابت المادية و المعنوية التي لو احسن استغلالها لكان الاتحاد المغاربي من أقوى الاتحادات لكن بعض الحكام العسكرين يعملون جاهدين من اجل خلق كيانات وهمية من اجل اضعاف الدول السائر بإيمان راسخ نحو التقدم الذي يتأسس على الديمقراطية والحرية والاستشراف.