بعد فاجعة مصرع سيدتين مغربيتين، فجر يوم الاثنين الماضي، في المعبر الحدودي "باب سبتة 2" في الجانب المغربي، ومصرع 7 شبان مغاربة في عرض سواحل طرفاية وجزر الكناري، يوم الثلاثاء الماضي، هزت فاجعة جديدة مدينة مريرت صباح يوم الجمعة الماضي، على إثر مقتل "عامل مؤقت" في موقع "البئر الجديد" التابع لمنجم عوام، المعروف في المنطقة بلقب منجم الموت، علاوة على إصابة ثلاثة عمال آخرين، أحدهم في حالة خطيرة ويرقد الآن بمستعجلات فاس. مصادر مطلعة من داخل منجم عوام كشفت ل"اليوم 24″، أن الحادث وقع صباح يوم الجمعة الماضي في "البئر الجديد" الذي بدأ العمل فيه شهر دجنبر المنصرم، بعد انفجار قنبلة في المكان الذي كانت تتم فيه عملية الحفر، مما خلف قتيلا واحدا وثلاثة جرحى يعانون من إصابات متفاوتة الخطورة. وحاول الموقع الاتصال بعزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن، إلا أن هاتفه ظل يرن دون مجيب، كما بعثنا له برسالة نصية حول الموضوع، لكن لم يرد. واتصل الموقع بمدير الشركة، غير أنه رفض تقديم أي توضيح، قائلا: "من يريد توضيح عليه أن يطرق باب مكتبي بمريرت". وبخصوص القتيل، يتعلق الأمر بالعامل المنجمي أسرار محمد، البالغ من العمر 40 تقريبا، متزوج وأب ل6 أبناء، ويقطن بحي تحجاويت بمريرت، وينحدر من قبيلة "آيت سيدي أحمد وأحمد". مصادرنا أوضحت أن الهالك هو المعيل الوحيد للأسرة. هذا وووري جثمانه الثرى مساء يوم أول السبت بمقبرة "آيت عمي علي بمدينة مريرت. مصدر قريب من أسرة الهالك أسرار، أوضح للموقع أن الراحل ظل يشتغل كعامل مؤقت في شركة تويسيت (جبل عوام سابقا) منذ أكثر من خمس سنوات، إذ أن الشركة ترفض توظيفه بشكل رسمي. وأضح قائلا: "كان يوقع عقدا مدته 3 أشهر، وبعدها يتوقف عن العمل أسبوعا أو أسبوعين، وتتم المناداة عليه من جديد من أجل توقيع عقد آخر لمدة 3 أشهر، هكذا دواليك حتى لقي حتفه يوم الجمعة الماضي. مصادر نقابية أوضحت أن مدير الشركة لازال يتمادى في سياسة التهرب من تطبيق قانون الشغل، وتسوية وضعية مئات العمال الذين يشتغلون بطريقة غير قانونية وفي ظروف لاإنسانية. وعن الكيفية التي لقي بها الراحل يوسف أسرار مصرعه، كشف مصدر مطلع أن الهالك كان إلى جانب ثلاثة عمال آخرين مكلفا بآلة الحفر في "البئر الجديد" على مستوى 12 مترا مربعا تحت الأرض، إذ يستعين، أيضا، بالمتفجرات. وقام يوم الخميس الماضي باستعمال متفجرات في الحفر، قبل أن ينسحب ورفاقه من أجل فسح المجال للمجموعة المكلفة بجمع الرمل والأحجار المتراكمة، قبل العودة يوم الجمعة لإتمام عملية الحفر. غير أن إحدى القنابل لم تنفجر في يوم الخميس، إذ بمجرد تشغيل يوسف لآلة الحفر وصل التماس إلى القنبلة التي انفجرت في الحين. قبل أن يتدخل عمال آخرون ويخرجونهم من "الحفرة"، لينقلوا على وجه السرعة إلى مستشفى مكناس، حيث لفظ يوسف أنفاسه هناك، في حين نقل عامل آخر إلى مستشفى فاس في حالة خطيرة، بينما الاثنان الآخران حالتهما مستقرة في مستشفى مكناس. وكشفت المصادر ذاتها أنه منذ سنة 2015 سقط 5 قتلى وعشرات المصابين: قتيلان سنة 2015، وقتيل سنة 2016، وقتيل سنة 2017، وقتيل سنة 2018. ويشتغل في منجم عوام بفروعه السبعة بمريرت (البئر القديم، وإغرم أوسار، وسيدي أحمد، وتيغانيمنن، والباردس، الباروتين، والبئر الجديد)، نحو 700 عامل، أغلبهم يشتغلون بشكل مؤقت، ولمدة أكثر من 8 ساعات، في حين لا يستفيدون من أي تعويض على ذلك. أغلب عمال المنجم يشتغلون بأقل من 3000 درهم في الشهر. وتتخوف أسرة الهالك أن تجهز الشريكة على حقوقها، تحت ذريعة أن الهالك كان مجرد "عامل مؤقت"، إذ علمت الجريدة أن العمال الرسميين الذين يلقون حتفهم تحصل زوجاتهم على 1500 درهم في الشهر و5500 درهم كتأمين كل ثلاثة أشهر، فيما يستفيد والدا الهالك من 2000 رهم شهريا. قريب من يوسف اعترف للجريدة قائلا: "أتمنى أن تفي الشركة بالتزاماتها تجاه الهالك، لأنه بعد وفاته لم يعد هناك أي معيل للأسرة". من جهة أخرى، طالب عدد من سكان مريرت في حديثهم للجريدة، الدولة بالتدخل من أجل توفير ظروف قانونية وإنسانية لأبنائها في منجم الموت من أجل تجنب المزيد من القتلى. عامل في المنجم صرح ل"اليوم24″ بنبرة حزينة: "نعرف أن مصيرنا قد يكون الموت، كما حدث مع يوسف، لكن نطالب الشركة والدولة بالاعتناء بأسرنا، أمام نحن، فسنكون حينها في العالم الآخر".