الذين حبكوا سيناريو اعتقال ومحاكمة توفيق بوعشرين، وضعوا نصب أعينهم، باهتمام كبير، أن اعتقال المعارضين والصحافيين المزعجين للسلطة غالبا ما يواجه بتشكيك الرأي العام المحلي والدولي، الذي لايزال يعتقد أن السلطات في المغرب يضيق صدرها بالأصوات الحرة، فتفتعل لأصحابها قضية مختلقة، ثم تتخلص منهم وراء القضبان، لذلك بذلوا مجهودا كبيرا لصناعة «فيلم أخلاقي» لكي يضعوا بوعشرين ومحيطه في مواجهة المجتمع وليس الأمن والقضاء، كما كان يحدث في السابق. لكن، كان لا بد أن تشوب سيناريو رديئا كهذا النواقص والثقوب التي تدخل الشك إلى نفوس الجمهور. وها نحن نرى كيف أصبح المغاربة، شعبا ونخبا، يتحدثون، سرا وعلنا، عن أن مدير «أخبار اليوم» اعتُقل بسبب أفكاره، كما أن المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية تبنت قناعة مفادها أن الملف تشوبه اختلالات تثير الريبة في سلامته القانونية. لقد كتب توفيق بوعشرين مرة يقول: «منذ زمن بعيد فقدت الثقة في استقلالية ونزاهة وشجاعة القضاء في بلدي، ومن باب «الصواب» أمثل أمامه كل مرة». فهل يقدر مسؤولونا ثمن عدم ثقة الشعب في القضاء، أم يعتبرونه نعمة؟