كيف تفسرون استشراء صحافة التشهير في الوسط الإعلامي المغربي؟ هذا يدخل في إطار التطورات التي شهدها المشهد الإعلامي الوطني، وبما أنه لا توجد تربة مناسبة لاستنبات تطورات إيجابية، فأنا لا أستغرب أن تتقاذفنا هذه التموجات. يجب أن نقر بأن المشهد الإعلامي المغربي فوضوي تعتريه العديد من الاختلالات وانعدام التوازنات، منها استشراء صحافة التشهير، لذلك، أجد أنه من الطبيعي أن نشهد تناميا للإعلام السائب الذي يهدف إلى تحقيق أهداف أخرى غير الأهداف النبيلة المهنية التي من أجلها وجدت مهنة الصحافة. أين يتجلى دور المجلس الوطني للصحافة في التصدي لصحافة التشهير؟ حسب القانون المؤسس للمجلس الوطني للصحافة، فإن من اختصاصه النظر في القضايا المرتبطة بأخلاقيات المهنة، وسينظر كيفية إعمال هذا الاختصاص، لكن من المؤكد أن تكون من أهدافه الأساسية معالجة هذا الواقع، والتصدي للاختلالات التي يعج بها، أولا، من خلال تسطير ميثاق أخلاقي يمثل مرجعية لجميع المهنيين، الصحافيين منهم والناشرين، وثانيا من خلال التطبيق السليم للقانون المنظم لأخلاقيات المهنة. إلى جانب ذلك أيضا، سيكون من اختصاصه القيام بدور الوساطة، وهذا الأمر له جانبان، أول مرتبط بنزاع الشغل، وثان بين الصحافي والقارئ وبين الصحافي والمؤسسة الناشرة، وهذا الأمر سيكون معززا باختصاصاته ومراجعه حول القضايا التي تهم المجال. فضلا عن ذلك أرى ضرورة تنظيم المشهد الإعلامي، وبحث كيفية إقناع المؤسسات الإعلامية باعتماد ميثاق تحرير يضمن الاستقلالية ويقضي على الممارسات السلبية. ما الإضافة التي سيحققها المجلس للمشهد الإعلامي الوطني؟ يجب ألا ننظر نظرة مثالية إلى المجلس الوطني للصحافة، فهذا من العبث، ذلك أن المؤسسة التي نحن بصدد الحديث عنها جديدة ستعمل على معالجة جزء من الإشكالات التي يتخبط فيها المشهد الإعلامي، لكنها لن تمثل حلولا سحرية لهذه المشاكل. وعموما، فعندما نعود إلى الاختصاصات المنصوص عليها في قانون المجلس، نجد أنها ستمثل إضافات مهمة، منها منح بطاقة الصحافة المهنية، وممارسة دور الوساطة والتحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين، ثم النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحافية والصحافيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس. وأختم بالقول إن المجلس، إذا تمكن من القيام بدوره، لا شك سيتحقق إضافات نوعية للمشهد الإعلامي المغربي..