نبه تقرير لمؤسسة "كوفاس" الهيئة المقربة من الخارجية الفرنسية، إلى تراجع الحصص الفرنسية في التجارة وانخفاض صادراتها باتجاه القارة السمراء، حيث بات الفرنسيون يواجهون منافسة كبيرة من العديد من الأطراف منها الأوروبية، إلى جانب تركياوالصين، وفقدت باريس العديد من الحصص في الأسواق الإفريقية التي تتجه لتنويع مصادر تموينها. وأشار التقرير، ارذي أوردته جريدة "الخبر" الجزائرية، إلى أن الفائض التجاري الفرنسي مع الجزائر انخفض بنسبة 20 في المائة لعدة عوامل. إفريقيا لم تعد الفردوس السابق للمصدّرين الفرنسيين، حسب التقرير الأخير ل "كوفاس"، بل إن فرنسا لم تعد حتى أول المموّنين والمصدّرين الأوروبيين بالنسبة لإفريقيا، حيث يفيد التقرير بأن حصصها قسمت إلى اثنين ما بين 2000 و2017. وبعد أن كانت القارة الإفريقية، منطقة نفوذ فرنسية بامتياز من الناحية التجارية والاقتصادية، بل وتحكمت حتى في طباعة النقود لدول منطقة الفرنك الافريقي "سي أف اي"، فإن الأمر أضحى مغايرا، حيث فقدت باريس شيئا فشيئا نفوذها وتأثيرها الاقتصادي. وفي سنة 2017 تجاوزت ألمانيافرنسا لتتدحرج فرنسا خلف ألمانيا كأهم ممون. أما بالنسبة للجزائر، فإن فرنسا فقدت موقعها كأهم ممون. ففي سنة 2017 تصدّرت الصين قائمة مموني الجزائر ب 8.3 مليار دولار، وحصة تبلغ 18.08 في المائة، بينما قدّرت الصادرات الفرنسية للجزائر ب 4.29 مليار دولار، مع نسبة تراجع معتبرة مقارنة ب 2016، حيث بلغت 10.01 في المائة، بينما لم تنخفض الصادرات الصينية سوى ب 1.18 في المائة مقارنة بسنة 2016. ونفس الأمر ينطبق على الاستثمارات، حيث سجل اختراق تركي بالخصوص خلال السنتين الماضيتين في الجزائر، مع مشاريع كبرى على رأسها مركب النسيج "طيال" بغليزان، باستثمار يقارب 500 مليون دولار، إلى جانب استثمارات مجمع توسيالي للحديد. ولا يقتصر الأمر على الجزائر في انكماش الدور الفرنسي، خاصة في مجال التجارة الخارجية، فقد أشار تقرير كوفاس، أن الحصص الفرنسية تعرف تآكلا وتراجع المؤسسات الفرنسية، مشيرة بأن السوق الإفريقي يقدّر ب 484 مليار دولار سنة 2017 وهو محل منافسة شرسة. ومن بين المؤشرات الإحصائية، تلك التي تخص حصص الصادرات الفرنسية في القارة الافريقية والتي قسمت إلى اثنين، حيث انتقلت من 11 في المائة سنة 2000 إلى 5.5 في المائة في 2017 ويتجاوز تراجع الحصة الفرنسية معدلات الانكماش المسجل في مناطق العالم الأخرى. ومن حيث القيمة، قدّرت الصادرات الفرنسية بنحو27 مليار أورو، وبعد أن بلغ الفائض التجاري مستوى قياسي ب 6 ملايير دولار سنتي 2015 و2016، فإنه انخفض إلى النصف في 2017. ويشير التقرير أن الانخفاض الحاد للفائض التجاري بأكثر من 20 في المائة مع الجزائر التي يعد أهم مساهم في الناتج الإجمالي للفائض التجاري، أدى إلى مثل هذه الحصيلة. علما أن التدفقات التجارية مع الجزائر والمغرب وتونس تمثل نصف المبادلات الفرنسية الإفريقية. ومن بين الأطراف المستفيدة من الانكماش الفرنسي، عدّد التقرير ثلاثا منذ سنة 2015 وهي الصينوألمانياوالهند ، وتتصدر الصين في بداية الأمر، التي انتقل وزنها التجاري في مجال الصادرات من 3 في المائة في 2001 إلى 17.6 في المائة السنة الماضية، ثم جاءت ألمانيا التي ارتفعت حصتها إلى 5.6 في المائة مقابل 5.5 في المائة لفرنسا، بينما قدّرت الحصة للولايات المتحدة ب 5 في المائة. وعرفت حصص كل من الهندوالصين تحسنا معتبرا بنحو 3 نقاط بفضل نشاط العديد من القطاعات، منها السيارات والصيدلة. فحصة الصين مثلا في الصناعة الصيدلانية قفزت من 5 في المائة سنة 2001 الى 18 في المائة سنة 2017 بفضل تداول الأدوية الجنيسة ذات الكلفة المنخفضة، بينما انخفضت الحصة الفرنسية من 33 إلى 19 في المائة. وعرفت القطاعات المختلفة الفرنسية تراجعا من السيارات إلى الحبوب فالصيدلة ومواد التجهيز باستثناء صناعة الطائرات. وشدد التقرير على أن الفرنسيين سيركّزون كأولوية على عدد من الأسواق على رأسها الجزائر والمغرب لاستعادة مكانتهم ، تليها الدول الإفريقية الفرانكفونية، لاسيما منطقة الساحل مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر والتشاد، ثم أخيرا دول جنوب إفريقيا، على غرار أوغندا وبوتسوانا ورواندا.