قبل عام من الآن، وعشية احتفاء المغرب بذكرى 20 غشت سنة 2017، خصّصت وكالة المغرب العربي للأنباء إحدى قصاصاتها إعلان حفل توقيع كتاب «محمد السادس رجل المرحلة»، لمؤلفه المغربي عبد اللطيف راكز. هذا الأخير قدّمته القصاصات الرسمية حينها باعتباره صحافيا عمل ب«المهجر»، وهو، في هذا الحوار المطول والمثير، يكشف خبايا وأسرار هذا «المهجر»، الذي لم يكن سوى خيمة الرئيس الليبي الراحل، معمّر القذافي. راكز، الذي قطع خلال عشرين سنة، ابتداء من منتصف التسعينات، مسارا مليئا بالغرائب والأهوال، حين اقترب من الدائرة الضيقة لرجال ثقة العقيد الليبي المقتول عام 2011، وسط غبار طائرات حلف شمال الأطلسي، ومكث في سجون الرئيس التونسي المطاح به، زين العابدين بنعلي، بعدما كشفت المخابرات التونسية أمر مجيئه مبعوثا من القذافي لاختراق نظامها السياسي، وصولا إلى الجزائر التي عاش فيها بضعة أشهر بعد هروبه من السجن التونسي تحت غطاء ثورة الياسمين، حاملا هوية مزورة. هل تعرضت زوجتك المغربية للتحرش الجنسي؟ بالفعل، تعرضت زوجتي لإغراءات جنسية، وطلقتها، لأنها لم تعد ملكا لي، وأصبحت ملكا للذاتها وجسدها، وأصبح همها الوحيد هو جمع المال. هل رزقت منها بأبناء؟ لم أرزق منها بأبناء. طلقتها بعد مرور سنة على إقامتنا بليبيا، اكتشفت أنها سقطت في مزالق الغواية، وهو السبب الذي جعلني أكره قبائل ليبية عديدة، معروفة باستهتارها، لم أكن أحب منهم غير قبائل القذاذفة وسرت وزنتان وسبها وموزوك، وهي قبائل ليبية كنا نلمس فيها طيبتها الصحراوية وقوة الشخصية، أما القبائل الأخرى فكان همها الوحيد هو اللهو بالنساء والسفر إلى الخارج، ويضيعون ثروة البلاد في التفاهات. هل حصلت زوجتك على منصب هناك؟ لا، أنا لا أعرف مصيرها، انتهت تلك المرحلة، لكي أبدأ مسارا آخر من حياتي، ابتدأ بعملي إلى جانب العقيد معمر القذافي، ساعتها اجتزت تداريب عسكرية في معسكر 26. هل تزوجت مرة أخرى بعد طلاقك من زوجتك الأولى؟ حين وقع ما وقع لي أنا وزوجتي، وافترقنا، قال لي القذافي: «ألا تريد أن تحصل على الجنسية العربية الليبية؟»، قلت له: «أنا ليبي دون جنسية عربية»، فقال لي: «سنزوجك منا بإذن الله»، فتزوجت سلمى بنت العقيد التومي، كانت نقيبة في الجيش الليبي بقسم المظليات، كانت امرأة رائعة وجميلة، تزوجتها وكانت تحاول أن تعوضني عما ضاع مني، إلا أنها توفيت أثناء وضعها مولودنا الأول بعد خضوعها لعملية قيصرية، وتركت لي ابنا اسمه أنس، الآن هو موجود في مدينة لينين غراد في روسيا. غادر ليبيا قبل اندلاع أحداث العزيزية عشية ثورة 17 فبراير، ساعده النظام الروسي على الخروج من ليبيا ضمن الضباط الذين يحملون صفات عسكرية مهمة، حتى لا يتعرضوا للقتل من طرف الفصائل الإسلامية المقاتلة. ما هي الصفة التي كان يحملها ابنك؟ والدته، رحمها الله، كانت ضابطة في الجيش الليبي، وصهري كان عقيدا في الاستخبارات الليبية، كان مساعدا للعقيد القذافي شخصيا، لذلك لما وقعت الاقتتالات الأخيرة، جرى تهجير أسرهم حتى لا يتعرضوا للاعتقال أو التعسف من طرف القوات المناوئة للقذافي، وقوات التحالف التي بدأت تغزو ليبيا بشراسة في الأيام الأخيرة قبل سقوط نظام القذافي، إلى حد الآن ابني يعلم أن أباه كان مجاهدا ولا يعلم أن أباه مغربي، لكنه يعلم أن والده ليبي وأنه توفي. لا يعلم عني شيئا ولا أعلم عنه شيئا لحد الآن. في أي سنة انقطعت صلتك بابنك؟ لم أعد أعلم عنه شيئا منذ 1999، فلَم يكن عمره حينها يتجاوز السنتين لأنه كان من مواليد 1998، لأنني آنذاك خرجت من ليبيا، وفي سنة 2000، كنت في مهمة خارج في تونس، وهي المهمة الاستخباراتية التي ستكلفني تسع سنوات داخل السجن، ولَم أخرج من تونس إلا مع ثورة الربيع العربي لأقيم شهورا قليلة فيها ثم أنتقل إلى الجزائر، ثم بعدها سأعود إلى المغرب. ما الذي وقع لك بعد وفاة زوجتك؟ حين توفيت زوجتي، أصبحت قلقا جدا، اقترح علي العقيد معمر القذافي العمل في جريدة الفاتح الليبية، وهي صوت الشعب المسلح، وكانت تضم شقا عسكريا وإعلاميا، وخضعت لتدريب عسكري في منطقة 26 في منطقة زنجور لمدة سنة بكاملها، بعد ذلك تخرجت برتبة ضابط في الحرس الثوري الأخضر، وأصبح العقيد يعتبرني عنصرا من العناصر التي لا يمكن الاستغناء عنها داخليا نظرا إلى أفكاري السياسية، ونظرًا إلى كتاباتي والكاريزما العسكرية التي أتوفر عليها.