أيّدت غرفة الاستئناف بالمجلس الأعلى للحسابات الحكم الابتدائي الصادر عن المجلس الجهوي للحسابات بمراكش، ضد الرئيس السابق لقسم تنمية الموارد المالية بالجماعة الحضرية للمدينة، وأكد الحكم الاستئنافي، الذي مضى على صدوره حوالي سنتين ونصف ولم ينشر حتى يوم الخميس المنصرم، (أكد) على مسؤولية الموظف الجماعي المذكور في عدم تفعيل مسطرة تصحيح بعض القرارات المتعلقة بالضريبة المفروضة على محلات بيع المشروبات، خلال الفترة الممتدة بين 2004 و2007، قاضيا بتخفيض الغرامة المالية المحكوم بها عليه ابتدائيا من 60 إلى 50 ألف درهم (5 ملايين سنتيم). وقد اعتبر المسؤول الجماعي الحكم الابتدائي بأنه “منعدم التعليل”، موضحا، في عريضته الاستئنافية، بأنه سبق له وأن طلب من المديرية الجهوية للضرائب بمراكش مجموعة من المعلومات حول حجم المعاملات المصرح بها من طرف أرباب محلات بيع المشروبات، وذلك بواسطة رسالة، مؤرخة في فاتح مارس من 2011، غير أنها استنكفت عن الجواب، وهو ما اعتبره دليلا قاطعا على استحالة وتعذر الاطلاع على القرارات الضريبية المودعة لدى المصالح الضريبية، خاصة في غياب نص قانوني يتيح له ذلك. في المقابل، أشار الحكم الاستئنافي إلى أن المسؤول نفسه سبق له أن صرّح، خلال الاستماع إليه بمقر المجلس الأعلى، بتاريخ 20 دجنبر من 2013، بأن لا علم له بأية مراسلة للجماعة في الموضوع قبل 2011، كما لم يعزز عريضته الاستئنافية بأية مراسلة موجهة من الجماعة لمديرية الضرائب، سواء قبل السنة المذكورة أو بعدها، رغم أنه تدارك الأمر، عقب التحقيق معه بمقر المجلس، وأرسل للمجلس، بتاريخ 27 دجنبر من 2013، نسخة من رسالة موقعة من طرف رئيس المجلس الجماعي وموجهة إلى المديرية، “غير أن تاريخ هذه المراسلة (3 ماي من 2007) كُتب بطريقة خطية وغير موثوقة”، يقول الحكم الاستئنافي، الذي أضاف بأنه تبيّن، من خلال وثائق الملف، بأن الرسالة عدد 60/2011 المشار إليها في دفع المستأنف لم تكن صادرة عنه، وإنما صدرت عن القاضي المستشار المكلف بالتحقيق، الذي قام بتوجيهها لمديرية الضرائب في إطار التحريات الموكولة إليه. وعللت الغرفة حكمها بأن العمل المنوط بالمصالح المالية التابعة للجماعة الحضرية غير مرتبط أصلا بما قد يتوفر لدى المديرية الجهوية للضرائب من معلومات إحصائية أو ضريبية، بل إنه بمقدور هذه المصالح، بل ومن واجبها كذلك، أن تباشر جميع الإجراءات القانونية الكفيلة بتصحيح الأرقام الواردة في إقرارات الملزمين بأداء الرسم المذكور كلما كانت هزيلة. وأضافت بأن عدم التوفر على أداة قانونية تتيح الاطلاع على التصاريح المقدمة للمصالح الضريبية لا يمكن الأخذ به لعدم ارتكازه على أساس، إذ أن الحكم المستأنف لم يؤاخذ الطاعن عن عدم إطلاعه على تلك التصريحات، بل لعدم تفعيل مسطرة تصحيح بعض الإقرارات المتعلقة بالضريبة المفروضة على محال بيع المشروبات رغم هزالة المبالغ المصرّح بها. وخلصت الغرفة إلى أنه كان يتعين على قسم تنمية الموارد المالية للجماعة، خاصة في ظل هزالة رسوم المشروبات، أن يبادر إلى القيام بالإجراءات التصحيحية المطلوبة، كما قام بذلك بالفعل، خلال شهر يونيو من 2007، ولو بشكل محدود، بعد توصل الجماعة بالتقرير الخاص للمجلس الجهوي للحسابات، الذي كشف عن الاختلالات القائمة في هذا الباب، إذ راسلت الجماعة بعض الملزمين داعية إيّاهم إلى تصحيح إقراراتهم الضريبية، مع تحديد طبيعة ومبلغ الرسوم الملزمين بأدائها عن مختلف السنوات المالية المعنية، كما قامت ببعض التصحيحات التلقائية إعمالا للمادة 13 من القانون المحدد لنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها. وكيّفت الغرفة الأفعال المرتكبة على أنها تدخل ضمن المخالفات المنصوص عليها في المادة 54 من مدونة المحاكم المالية، خاصة في ما يتعلق بعدم الوفاء تجاهلا بمقتضيات النصوص الضريبية الجاري بها العمل، وبالواجبات المترتبة عليها قصد تقديم امتياز بصفة غير قانونية لبعض الملزمين بالضريبة، وبإلحاق ضرر بالجماعة بسبب الإغفال والتقصير المتكرّر في القيام بمهامه الإشرافية.