بعد رد الفعل المجتمعي الغاضب من قرار الحكومة الإبقاء على زيادة ساعة لتوقيت المملكة، خرج وزير الوظيفة العمومية محمد بنعبدالقادر، ليعلن بأن هذا القرار ليس نهائيا، وإنما سيخضع ل”لتقييم”، ما اعتبر مؤشرا على إمكانية التراجع عنه خلال الأشهر المقبلة. وجاء هذا الموقف بعد مفاجأة الحكومة بحجم رد الفعل الاحتجاجي إثر خروج التلاميذ بقوة منذ نهاية الأسبوع الماضي، وبداية هذا الأسبوع للشارع للاحتجاج، وإعلان “الجمعية المغربية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي” تنظيم وقفات أمام المديريات الإقليمية، الخميس 15 نونبر، قبل أن تعلقها، مع إعلان “استمرار برنامجها النضالي”. وانتقل الجدل إلى البرلمان، بطرح عدد من النواب والمستشارين من فرق مختلفة تساؤلات حول جدوى الإبقاء على الساعة، وهاجموا القرار، “المفاجئ”، ما جعل الحكومة في وضع دفاع لا تحسد عليه. وزير الوظيفة العمومية، محمد بنعبدالقادر لمح، أول أمس، في جلسة مساءلة بمجلس المستشارين، إلى إمكانية التراجع عن التوقيت المثير للجدل، وقال إن قرار الاستمرار في التوقيت الصيفي “ليس نهائيا”، وإن “المرسوم الذي صادقت عليه الحكومة، أقر استمرار العمل بالساعة الإضافية، ولم يلغ المرسوم الملكي الذي يحدد ساعة المملكة”، مؤكدا على أن الحكومة اتفقت مع مكتب دراسات على إخضاع هذه التجربة للدراسة، وبناء على ذلك ستتخذ القرار المناسب. وأشار الوزير إلى أنه لا يوجد لحد الآن أي قرار بتغيير توقيت المملكة المحدد بمرسوم ملكي، قائلا: “إذا أردنا تغيير توقيت المملكة، فعلينا أن نأتي بمشروع قانون ليُعرض للمناقشة في البرلمان”. وهدأت احتجاجات التلاميذ منذ مساء الثلاثاء الماضي، وحسب مصدر مسؤول في وزارة التربية الوطنية، فإن أزيد من 99 في المائة من المدارس العمومية التزمت بالتوقيت المدرسي الجديد وأوقفت الاحتجاجات. مصدر حكومي اعتبر أن خروج التلاميذ للشارع “لم يكن مبررا”، وأن جهات سياسية حرضت التلاميذ على الاحتجاج، موضحا أن التوقيت المدرسي المعدل حل المشكلة بالنسبة إلى المدارس العمومية. وزارة التربية الوطنية، قررت اعتماد صيغ مختلفة للتوقيت في المدارس العمومية، وتركت للأكاديميات حرية اختيار الصيغ التي تناسبها. وبخصوص التعليم الابتدائي، فقد تم اعتماد الدخول على الساعة ال9 صباحا بدل ال8، أما في مستويات الإعدادي والثانوي، فإن ثمانية أكاديميات اختارت توقيت الدخول على الساعة الثامنة والنصف، وأربع اختارت الساعة ال9. لكن المشكلة لازالت مطروحة في القطاع الخاص. المدارس الخاصة أبقت على التوقيت، كما أن المعامل والشركات حافظت على التوقيت، مما خلق مشكلات للأسر التي لها أطفال. مثلا، إذا كان الأطفال سيذهبون إلى المدرسة على الساعة الثامنة والنصف أو التاسعة، فكيف سيتصرف الآباء الذين يعملون في القطاع الخاص. الجدل حول الساعة انتقل إلى وسط حزب العدالة والتنمية، وخلق انقساما واضحا داخله، خاصة أنه مس بصورة الحكومة ورئيسها سعد الدين العثماني أمام الرأي العام. وعكست الأمانة العامة للحزب هذا الموقف في بيانها السبت الماضي، بدعوتها إلى “مزيد من الإنصات لمطالب شرائح واسعة من المجتمع وحسن التفاعل معها بتعبئة الشروط اللازمة لضمان حسن اعتماد التوقيت الجديد في أجواء مناسبة تحقق المقاصد والمصالح الوطنية الداعية إلى اتخاذ هذا القرار، والأخذ بعين الاعتبار إكراهات المواطنين والمواطنات”.. خالد البوقرعي، برلماني الحزب، دعا صراحة إلى التراجع عن الساعة الإضافية، قائلا: “هذه الساعة رفضها الشعب المغربي ويجب التراجع عنها”. أما عبدالعزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة، فقال ل”أخبار اليوم”، إنه يجب مناقشة موضوع إضافة الساعة “بكل شفافية”، وتقديم “المعطيات الحقيقية” حول سبب إضافتها، حتى يكون ممكنا اتخاذ القرار المناسب. واعتبر أن زيادة الساعة “هو قرار اتخذته الدولة وليس الحكومة”، داعيا إلى تفادي اتخاذ قرارات مفاجئة تهم الرأي العام، لأن ذلك من شأنه أن يُشعِل الأوضاع.