عشية إطلاق “حملة مدن إفريقية بدون أطفال في وضعية الشارع”، وتزامنا مع الخطاب الذي أكد فيه الملك محمد السادس أنه “لا مجال للتعامي عن حقيقة وجودهم، ولا بديل عن التفكير في مستقبلهم”، استنفرت مجالس المدن بالمملكة مصالحها من أجل القيام بحملات تمشيط واسعة، للحد من ارتفاع عدد أطفال الشوارع، وبدا واضحا من خلال المعطيات التي حصلت عليها “أخبار اليوم” غياب الإحصائيات الكافية عن عددهم، أو المراكز المختصة لإيوائهم. فحسب الجمعيات المهتمة، فإن مجالس المدن الكبرى بعيدة كل البعد عن محاصرة الظاهرة، والتقليص من آثارها السلبية على المجتمع. إلى ذلك، كشف محمد صديقي، عمدة مدينة الرباط، أن مجلسه يتوفر على رؤية شمولية في محاربة ظاهرة الأطفال في وضعية الشارع، تبتدئ باتفاقيات أبرمها مع دول أجنبية لتكوين موظفيه في المجال الاجتماعي، ودعم النسيج الجمعوي المهتم بالظاهرة. وأعلن صديقي، في اتصال مع “أخبار اليوم”، أن عدد الأطفال في وضعية الشارع في تراجع، ويعتزم المجلس الحد من ارتفاعه، مؤكدا على ضرورة التغلب عليه في أقرب آجال، مقرا بعدم وجود إحصائيات ومنوها في الوقت ذاته بوجود جمعيات تشتغل للحد من هذه الظاهرة. وأعلن عمدة مجلس الرباط في تصريحه للجريدة، عن وضع مجلسه للمسات الأخيرة لوضع برنامج عمل الجماعة، سيحظى من خلال حملة مدن إفريقية من دون أطفال في الشوارع بالأولوية. وكشف عمدة الرباط، أن مجلسه سيعمد إلى القيام بحملة تمشيط واسعة في شوارع العاصمة الإدارية، لجمع إحصائيات كافية عن هؤلاء الأطفال، وإنشاء خلية لتتبع أحوالهم النفسية والاجتماعية، عن طريق أطباء نفسيين وخبراء اجتماعيين، والتكلف بالأطفال أملا في إرجاعهم إلى مقاعد الدراسة من جديد. بالنسبة لموسى سراج الدين، رئيس جمعية أولاد الحي، فمجالس المدن بالمملكة، بعيدة كل البعد عن تحقيق فعالية اجتماعية تمكنها من الحد من ظاهرة أطفال الشوارع، والسبب في نظره هو غياب إحصاء حقيقي لعدد الأطفال في وضعية الشارع. وكشف الفاعل الجمعوي في اتصال مع “أخبار اليوم”، غياب حملات تمشيطية، يمكن من خلالها رصد الظاهرة والحد من آثارها الاجتماعية، نافيا وجود مراكز لاستقبال أطفال في وضعية الشارع، وقال إن ارتفاع حالات الطلاق ووضعية التعليم العمومي وانتشار السكن في الضواحي الهامشية للمدن، ومرتبة المغرب في سلم التنمية، كلها مؤشرات من شأنها تفريخ المزيد من الأرقام الصادمة عن انتشار ظاهرة الأطفال في وضعية الشارع. من جانبه، قال عبد المالك لحكيلي، نائب عمدة الدارالبيضاء، إن مجلس مدينته، يستعد لإنشاء مرافق لاحتواء أطفال الشوارع، مشددا على أن مصالح الجماعة تتوفر على قسم اجتماعي يقوم بدور التنسيق الاجتماعي، مع الجمعيات المهتمة. وأكد لكحيلي في تصريحه للجريدة، أن مجلس مدينة البيضاء وضع محاور في برنامج عمله، تتضمن شروطا جديدة للدعم، في مقدمتها الاهتمام بظاهرة أطفال الشوارع والحد منها، منوها بالشراكة التي عقدها مجلسه مع مجلس العمالة، من أجل دعم الجمعيات النشيطة في هذا المجال. إلى ذلك، كانت الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في أشغال الدورة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية “أفريسيتي” بمراكش، قد كشفت أنه من بين 120 مليونا من أطفال الشوارع في العالم، هناك 30 مليونا يكابدون مرارة العيش في شوارع القارة الإفريقية، وهو ما يعني أن ربع عدد أطفال الشوارع في العالم هم أفارقة”. وقال الملك محمد السادس، إنه “لا ينبغي الاكتفاء بإطلاق هذه الحملة، ولا الاقتصار على تدشينها دون المضي بها إلى تحقيق الغاية منها، فلا بد من التنزيل الفعلي والمنظم والمستدام لالتزام المدن بالتخفيف من وطأة هشاشة الأطفال، داخل أجل لا يتجاوز ثلاث سنوات”.