آنييس فاردا، هو ثاني الأسماء السينمائية الكبيرة، التي احتفى بها المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في ثالث لياليه، حيث كرم المخرجة الفرنسية وسلمها النجمة الذهبية للمهرجان، بحضور قامات سينمائية دولية بينها مارتن سكورسيزي، وقامات سينمائية عربية ووطنية. وبتواضع الكبار تحدثت فاردا، المخرجة والكاتبة التي أعطت الأولوية لما أسمته الكتابة السينمائية، وعارضت مفهوم الكاتب الوحيد لسيناريو الفيلم، تحدثت من على منصة قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء، عن إحساسها بصغرها أمام مبدعي وفناني السينما، الذين تقدرهم وتحبهم وتواجدوا معها في القاعة نفسها التي تكرّم بها، وقالت القاعة يملأها “أهل السينما” من مختلف بلدان العالم بما في ذلك المغرب. وبلفظ “فنّنا”، تأكيدا على الحب والهم المشترك، أشارت فاردا إلى المشاكل التي يعيشها المجال، مشاكل لم تمنعها من تأكيد “أن العمل في السينما امتياز لمن يعيش في هذا العالم الخطر”، تقول فاردا، موضحة أن “هذا الامتياز يلزم السينمائي والفنان الحقيقي عموما بالحفاظ على عدد من القيم، بل والدفاع عنها مع واجب الشهادة والمشاركة”. وبملامحها المعبرة جدا، بدت فاردا متأثرة بمشاركة المخرج السينمائي الشهير مارتن سكورسيزي لها المنصة أثناء تسلّمها النجمة الذهبية إلى جانب تييري فريمو، المندوب العام ل”مهرجان كان”، الذي كان أيضا أحد ضيوف فقرة “محادثة مع” بعد زوال يوم السبت الماضي ومدير معهد “لوميير”. فاردا، القائلة إن الحياة في ذاتها أكبر مصدر للإلهام لذلك يستحيل تفادي المعاناة، عبرت عن تأثرها بالقول إن دواخلها اهتزت بما لقيته، وهي تتأمل كيفية استقبالها لدى قدومها للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. ووصفت الاستقبال، الذي حظيت به وإلى جانبها أبنائها، بكونه كان “ملكيا”. ووجهت الكاتبة والمخرجة التي حصلت على الأوسكار الفخرية، شكرها للملك محمد السادس، وللأمير مولاي رشيد، كما شكرت مؤسسة المهرجان على دعوتها. وفي كلمة في حق المحتفى بها في ثالث ليالي المهرجان تحدث تييري فريمو، المندوب العام ل”مهرجان كان” ومدير معهد “لوميير”، عن تميز نفس هذه السينمائية وأفلامها، مشيرا إلى كونها عرفت واتقنت كيف تتزعم نساء السينما وتخلق سينما خاصة، بل وتسهم في إعادة ابتكار هذه السينما. ووجه تييري تحية شكر وتقدير لامرأة مبدعة نوعية، تعد اليوم حسبه “ذاكرة المسرح والسينما”. وأخرجت فاردا أفلاما مهمة طوال مسيرتها المهنية منها “المشرد” في عام 1985 و “مئة ليلة وليلة” وكذلك “شواطئ أنييس” في عام 2008. وكانت المخرجة الفرنسية آنييس فاردا، البالغة من العمر 89 عاما، أول امرأة تحصل على جائزة الأوسكار الفخرية. وشكلت عضوا مهما من مخرجي “الموجة الفرنسية الجديدة” في ستينيات القرن الماضي، ومن الأفلام التي أخرجتها “كليو” و”السعادة” و”مخلوقات”. عرفت فاردا، التي ولدت عام 1928، بنشاطها السياسي المهموم بقضايا الحرية للمرأة والشعوب المستعمَرة وفي الانحياز إلى المهمشين، حيث عبرت في مجمل أفلامها عن أشواق هذه الشرائح الإنسانية التمسك بالحياة رغم الكراهية والموت ولحظات القلق والحيرة والتوتر. لكن فيلمها الروائي المعنون «كليو من الخامسة الى السابعة» الذي أنجزته العام 1962، اعتبر أفضل اشتغالاتها في السينما طيلة مسيرتها المديدة، حيث حظي العمل بصدى واهتمام نقدي لافت نظراً لحساسية ما قدمته من مشاهد متقنة الصنعة من ناحية تناول العلاقة بين الزمن الواقعي والزمن السينمائي محموم بحرارة عاطفية وإنسانية عالية تدغدغ فيها دواخل الذات بشتى ألوان البساطة والواقع. وهذا ما جعل أفلامها اللاحقة تجد صدى كبيرا عند النقاد والمتابعين للسينما، ومنها فيلم: «السعادة» (1965)، «المخلوقات» (1966)، «ليونز لوف» (1969)، «الواحدة تغني، والأخرى لا» (1977)، «حيطان، حيطان» (1981)، «بدون سقف ولا قانون» (1985)…، «مئة ليلة وليلة» (1995)، «بعد عامين» (2002).