1- أخبرتني في جواب عن سؤال سابق، طرحته ضمن ندوة لجنة تحكيم الدورة الحالية من المهرجان الدولي للفيلم، أنك لن تقوم بما قام به المخرج “فرانسيس فورد كوبولا”، حين منح كل أفلام السباق الرسمي للمهرجان جائزة لجنة التحكيم عام 2015، هل تعتبر فعله أمرا معيبا؟ لا، أبدا الأمر يتعلق هنا باختيارات، وسياق معين. بالنسبة إلي قلت ذلك لأن المسابقة تحمل معنى المفاضلة، علينا أن نسعى إلى تحديد العمل الأفضل، ونفهم كأعضاء لجنة تحكيم أين تميز هذا الفيلم على ذاك، ولا شك أن الأساليب الإبداعية تختلف مثلما تختلف مستويات الجودة، ولو بنسب صغيرة، لكن هذا لا يعني أني أحبذ الفكرة، وأقول إن كل مخرج بذل مجهودا إبداعيا يستحق جائزة. 2 – ما هي المعايير المفروض الاحتكام إليها لنقول إن هذا الفيلم جيد أو غير جيد من وجهة نظرك كمخرج؟ ثمة معايير مختلفة، فللإبداع قيمته وللتقنية أو الصنعة، أيضا، قيمتها.. ولا بد من النظر في مدى الجرأة والصدق الذي يحمله العمل، وما يقدمه من عناصر تمثل وجها من أوجه الحقيقة. وعموما، فإن لكل مجهود قيمته، التي تستحق أن نعترف بها ونحترمها، وقد يعجبنا شيء اليوم، ونرفض شيئا آخر بالمقابل، ومع الوقت تتغير محددات هذا الإعجاب. لذلك، لا منطق في حكم، وتقييم جهة معينة، لأن ما يحدد حقا الجيد في الفيلم، هو مرور الزمن. 3 – لو طلب منك، أو أنت قررت إنجاز فيلم عن جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، كيف ستصور موقف أمريكا من الموضوع، وأنت المواطن الأمريكي؟ وكيف ستشتغل عليه إن كان فيلما روائيا تخييليا؟ أنا لا أعرف إلا ما قرأته في الصحافة، وأعتقد أن هذه الجريمة من بين أكثر الأحداث رعبا على الإطلاق.. يا إلهي، أي سؤال هذا الذي طرحت! كيف أستطيع تصور هذا الحادث؟ ! وكيف أصوره! أتذكر في هذا السياق فيلما للمخرج اليوناني الفرنسي “كوستا كافراس” حيث سلط الضوء على الصراع السياسي بوجهه الحقيقي، وأظهر موقف الدول المهيمنة، والمتحكمة، خصوصا الولاياتالمتحدةالأمريكية، من هذا الصراع، ووقوفها إلى جانب الظلم في هذا العالم. يا إلهي كيف أرد! وكيف أصور هذا الصحافي، الذي ذبح، وقتل بشكل مرعب.. سأصور هذا الفيلم في شكل “ملحمة” على طريقة المخرج الإيطالي لوتشينو فيسكونتي. المأساة لا يمكن أن تقدم إلا بنفس ملحمي، جثة هنا، وجثة هناك… 4 – ومن أي زاوية ستتناول قضية مقتل خاشقجي لو أنجزتها في صيغة فيلم وثائقي؟ لم يسبق لي أن أنجزت فيلما وثائقيا، زوجتي هي من تشتغل على الأفلام الوثائقية، وإذا فكرت في فيلم وثائقي، فسيكون فيلما صامتا، من دون أخذ شهادات، ولا حوارات. صعب جدا هذا الوضع.. 5 – قلت إن الوضع صعب جدا، ماذا تقصد؟ الوضع صعب جدا، ومرعب، ورئيسنا الأمريكي أخرق غبي، وأنا صرت أشعر دوما بالحرج من كوني أمريكي، بالنظر إلى وجود هذا الرئيس “ترامب”، لذلك لو أتيح لي أن أقدم “ترامب” بازدراء فسأفعل، وإن كان الممثل “روبيرت دينيرو” قدم ذلك بشكل جيد في الافتتاح. 6 – وماذا عن الفيلم العربي، والإفريقي، وما الذي يتبادر إلى ذهنك حين تسأل عنه؟ هنا سأذكر المخرج، والممثل الفلسطيني، إيليا سليمان، فهو من أعرف، وتعجبني أفلامه. للأسف، لا نعرف الكثير عن الأفلام القادمة من هذه المنطقة، وهذا شيء مخجل إلى حد ما بالنسبة إلي. في الرقعة الجغرافية، التي نتواجد عليها، الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تصلنا أفلام عربية أو إفريقية، فاللغة الإنجليزية هي المهيمنة، والأفلام الأمريكية هي من لها المكان، والحضور الأكبر. ومن أجل هذا، آتي إلى المغرب لأغسل، وأجدد، وأعيد الحياة لأفكاري. وكما قلت في الندوة، فليس أمام الفرد إلا التعلم، والاكتشاف بنفسه.