المعطيات الأولية التي كشفها بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم الأمن الوطني، مساء أول أمس الأحد في القناة الثانية، تسمح لنا بفهم كرونولوجي للجريمة البشعة التي وقعت في إمليل، واستنتاج بعض الخلاصات الأولية. جرى التخطيط للعملية في مدينة مراكش، وقادها شخص له سوابق في مجال التطرف والإرهاب، بعدما حكم عليه في 2013 وأكمل عقوبته السجنية بسبب تجنيده مغاربة للالتحاق بداعش في سوريا والعراق. هذا الشخص، رفقة الثلاثة الآخرين، قرروا، في 12 دجنبر، تنفيذ العملية، دون أي تنسيق مع جهة خارجية. غادروا مراكش يوم الجمعة 14 دجنبر في اتجاه المنطقة الجبلية إمليل، دون تحديد الضحية الهدف. كانوا يبحثون عن فرصة لتنفيذ ما خرجوا لأجله. نصبوا خيمة في الجبل، ومن داخلها سجلوا فيديو مبايعتهم لزعيم داعش أبو بكر البغدادي، وأطلقوا تهديداتهم، وكانوا يظهرون بوجوههم المكشوفة. جرى التسجيل قبل تنفيذ الجريمة، ونشر فيما بعد في إحدى قنوات داعش على الأنترنت يوم الأربعاء 19 دجنبر بعد تنفيذ الجريمة ب48 ساعة. في المقابل، كانت السائحتان الضحيتان في المنطقة في 16 دجنبر، تخططان لصعود قمة جبل توبقال «دون مرشد سياحي». نصبتا خيمتهما لقضاء ليلية الأحد الاثنين في مكان وعر على الطريق إلى ضريح شمهروش قرب محل بقالة. في هذه الليلة هجم عليهما الأربعة، ووقعت الجريمة البشعة. غادر الجناة عائدين إلى مراكش، وفي الصباح اكتشف السكان المحليون الجثتين وقد مُثِّل بهما. تدخل الدرك الملكي، المختص ترابيا، وتعامل مع مكان الجريمة، قبل أن تتضح علامات الفعل الإرهابي، فأسندت القضية إلى «البسيج»، التي استعملت كل الوسائل التقنية، والصور والفيديوهات، للتعرف على المعتدين. وفي ساعات، جرى التعرف على الشخص الأول الذي له سوابق واعتقل من بيته في 18 دجنبر، ومن خلال التحقيق معه والاطلاع على الفيديوهات والبيانات، جرى التعرف على الثلاثة الآخرين، الذين اعتقلوا، صبيحة يوم الخميس 20 دجنبر، عندما كانوا على متن حافلة تهم بمغادرة محطة باب دكالة. وبفضل التحقيقات، جرى اعتقال 9 آخرين لهم علاقة بالجناة في مدن مختلفة. ما هي الخلاصات التي يمكن استنتاجها من هذه المعطيات؟ أولا، أن الأربعة المعتقلين يجمعهم قاسم مشترك، وهو أنهم يمارسون مهنا حرة بسيطة، أحدهم يشتغل مع والده نجارا، وأعمارهم بين 25 و33 سنة، ومستواهم التعليمي محدود. ثانيا، أن أحد هؤلاء، ويعتقد أنه العقل المدبر، له سوابق، وسبق أن قضى عقوبة سجنية بتهمة تجنيد مغاربة للسفر للالتحاق بداعش، أي أن هذا الشخص معروف بنزعاته المتطرفة. ثالثا، أن الأربعة سجلوا فيديو قبل تنفيذ العملية بيومين، والمثير أن موقعا فرنسيا هو الذي كشف هذا الفيديو بعد العملية، وهناك تساؤلات؛ هل وضع الفيديو في قنوات التواصل التي تنشط فيها داعش قبل أم بعد الجريمة؟ هناك من يقول إن الشريط جرى تداوله في هذه القنوات قبيل تنفيذ الجريمة ولم ينتبه إليه أحد. رابعا، تطرح تساؤلات حول سر تسجيل المتطرفين الأربعة شريطا بوجوههم المكشوفة، فهل كانوا ينوون تنفيذ عملية أخطر بعد قتل السائحتين، خاصة أن الحافلة التي اعتقلوا فيها كانت متوجهة إلى أكادير؟ خامسا، نفي الأمن وجود أي اتصال للخلية بالخارج، يعني أن هؤلاء، رغم مبايعتهم زعيم داعش، فإنهم تحركوا بمفردهم لإدراكهم، ربما، أن أي اتصال خارجي سيجعلهم عرضة للاعتقال، لكن، مع ذلك، فإن التحقيقات ستظهر هل تلقى هؤلاء أي دعم خارجي أم لا. سادسا، أصبحت على عاتق الأجهزة الأمنية مهام جسيمة، لمواجهة التحديات الخطيرة القائمة، فالعملية التي نفذت تتحدى المقاربة الاستباقية التي جرى بفضلها تفكيك العديد من الخلايا، والناطق باسم الأمن الوطني تحدث عن الأخطار القائمة، المتمثلة في المغاربة العائدين بعد هزيمة داعش، حيث إن 1669 مغربيا التحقوا بداعش اعتقل منهم 248 عند عودتهم، وحوالي 2900 مغربي حكم عليهم القضاء المغربي في ملفات الإرهاب، وأطلق سراحهم، منهم من راجعوا أفكارهم، لكن العديد منهم اليوم طلقاء ولا تعرف نواياهم..