كيف تعرفت على توفيق بوعشرين؟ الذي أعرفه عن الصحافي توفيق بوعشرين، أنه التحق بالصحافة قبل 20 سنة، في أول تجربة له مع “الأحداث المغربية”، ثم تنقل بين تجارب أخرى ليس لدي اطلاع كبير عليها ولا على إنتاجاته بها، فاحتكاكي بكتاباته كان أول مرة من خلال اطلاعي أحيانا، على مقالات معدودة على أصابع اليد الواحدة، نشرها بأسبوعية “الأيام”، حين كان يشتغل رفقة نور الدين مفتاح، ثم ازدادت متابعتي له، من خلال عموده، في تجربة “المساء” مع رشيد نيني، التجربة التي توقفت قبل عشر سنوات، تحديدا سنة 2008. ثم ازدادت وتيرة المتابعة والاهتمام، بعد حراك 20 فبراير 2011، في تجربته الأخيرة “أخبار اليوم”، بسبب مواقف الجريدة آنذاك، وخطها التحريري. كانت معرفة قارئ من بعيد، أو حتى ملاحظ ومتابع إن شئت، وكان أول تواصل بيننا بعد اعتقالي، حيث اتصلت به هاتفيا من داخل زنزانتي، كمعتقل رأي، وطلبت منه مؤازرتي والاهتمام إعلاميا بقضيتي، كان جوابه لطيفا ولبقا، رغم عدم معرفتنا ببعضنا البعض، وبالفعل فقد كانت جريدة “أخبار اليوم” مواكبة لقضيتي ولكل التطورات، من إضرابات كنت أخوضها، وغيرها من الأخبار المتعلقة بملفي. بعد الإفراج عني تواصلت معه مرتين كزميل صحافي، مرة لأشكره على موقف مؤسسته بخصوص متابعة قضيتي، ومرة أخرى لأعرض عليه ملفا كنت أشتغل عليه، فأجابني بأنه خارج المغرب، وأنه سيتصل بي حال عودته، إلا أن اعتقاله حال دون ذلك. كيف تجد تجربته الصحافية؟ لن ينازعني أي شخص، سواء كان موافقا أو مختلفا مع بوعشرين، في أن الرجل كان ناجحا في عمله، سواء في الشق الصحافي الإعلامي البحت، أو الشق الاستثماري، فقد أنشأ مؤسسة إعلامية بأفرع وأذرع متعددة، تشغل العشرات من الشباب، واستطاع إدارتها باقتدار، هذا فيما يتعلق بالجانب الاستثماري والإداري، أما فيما يخص المجال الإعلامي البحت، فقد كان صحافيا ناجحا، استطاع أن يبوئ جريدته المرتبة الأولى بين الجرائد الأكثر مقروئية ومبيعا في المغرب، في زمن تعرف فيه الصحافة الورقية تراجعا كبيرا، وإقفالا لمؤسساتها، كما هو الشأن بالنسبة ل”آخر ساعة”، والأخبار التي تروج عن بيع مطبعة “الرسالة”، وغيرها من التجارب المتعثرة والموؤودة التي يعلمها الجميع. كيف تنظر إلى اعتقاله والحكم الابتدائي الصادر في حقه؟ بوعشرين يؤدي ضريبة مواقفه المعلومة، واختياراته السياسية المعروفة، ورهاناته على فرسان سباق خاسرة، خذلته في أول جولة. لقد كانت هذه القضية فرصة مواتية استغلتها جهات عديدة إعلامية وسياسية، لتصفية حساباتها مع بوعشرين. وقد كان الاعتقال والحكم وقبله تهمة الاتجار في البشر، أمرا صادما جدا، سننتظر المرحلة المقبلة من التحاكم، آملين أن تأتي بجديد.