بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على إحالته على المحاكمة، قضت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، منتصف ليلة الثلاثاء الأربعاء، بخمس سنوات سجنا نافذا ضد إمام مسجد متهم باغتصاب 6 قاصرات، تتراوح أعمارهن بين 8 و16 سنة، بعد أن تابعته بجنايات تتعلق ب “استدراج قاصرات يقل عمرهن عن 18 سنة، وهتك أعراضهن باستعمال العنف، واغتصابهن نتج عنه افتضاض بكارة إحداهن”. كما حكمت ضده بتعويض قدره 30 ألف درهم (3 ملايين سنتيم) لفائدة الضحية المفترضة الأكبر سنا، فيما حكمت بعشرة آلاف درهم (مليون سنتيم) لكل واحدة من الضحايا الخمس الباقيات، وبدرهم رمزي لفائدة الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي نصّبت نفسها طرفا مدنيا في الملف. ومثلما فعل في مرحلتي البحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي، فقد أنكر الفقيه المتهم، وهو إمام مسجد دوار “بيحلوان”، بجماعة “سيتي فاضمة”، الأفعال المنسوبة إليه، خلال مثوله أمام المحكمة، في الوقت الذي سبق لقاضي التحقيق أن اعتبر في استنتاجاته بقرار إحالة المتهم على المحاكمة، بأن العديد من المعطيات الواقعية والقانونية تفند هذا الإنكار، مستدلا على ذلك باعترافاته، خلال الاستماع إليه من طرف الضابطة القضائية، بأنه كان يكلف القاصرات اللائي كان يحفظهن القرآن الكريم، بتنظيف غرفته الخاصة الملحقة بالكتّاب وغسل الأواني المتواجدة بها، وهو ما اعتبره قاضي التحقيق “استدراجا للضحايا من أجل الإيقاع بهن في شباكه”. تصريحات أخرى للفقيه “العربي.ب”، البالغ 45 سنة، خلال مرحلة البحث التمهيدي، اعتبرها قاضي التحقيق دليلا على ارتكابه للتهم المتابع بها، فقد سبق له أن صرّح بأنه كان يؤدب المشتكية “سمية.ب”(16 سنة)، بسبب حضورها إلى كتاب مسجد الدوار، عندما كانت تتابع دراستها عند قبل حوالي سبع سنوات، وهي ترتدي لباسا متبرجا يظهر أعضاءها التناسلية ويثير الشهوة والغرائز الجنسية، وهو ما اعتبره القاضي عبد الرحيم المنتصر “سوء نية من طرف المتهم”، موضحا بأن الفقيه كان يمعن النظر في مفاتن الضحية المفترضة، رغم أنها لم تكن تتجاوز حينها التاسعة من العمر، دون أن يخبر بذلك والدها، الذي كان صديقا له ويغدق عليه العطايا ويستقبله بمنزله. معطى آخر أورده قاضي التحقيق يتعلق بتطابق تصريحات الضحايا المفترضات حول الطريقة التي كان يسلكها المتهم لتحقيق رغباته الجنسية، كتحسس مناطق حساسة من أجسادهن ومداعبة أعضائهن التناسلية ومؤخراتهن بأصبعه إلى أن ينزع ملابسهن ويمارس عليهن الجنس بالقوة. قرينة أخرى عرضها قاضي التحقيق، وتتعلق بحجز مجموعة من الأقمشة بغرفة المتهم تحمل آثار السائل المنوي، ومن ضمنها قماش تنطبق عليه الأوصاف التي أدلت بها إحدى المشتكيات، التي صرحت بأنه كان يستعمله في مسح عضوه التناسلي، بعد الانتهاء من ممارسة الجنس عليها. وفيما أدلت 6 ضحيات مفترضات بشهادات تدينه، برّأت القاصرتان “هاجر.أ” (11 سنة) و”سارة.م” (11 سنة) الفقيه من تهمة التحرش بهما، فقد نفتا بأن يكون قام بأي محاولة لهتك عرضهن، مشددتين على أنه لم يسبق للفتيات اللائي كن يدرسن معهن بالمسجد أن أخبروهما عن أي تحرش أو اعتداء جنسي مفترض قد يكن تعرضن إليه. وكان الدرك الملكي أوقف، نهاية شهر ماي المنصرم، الفقيه على خلفية اتهامه باغتصاب قاصرات وأجريت له مسطرة التقديم، في حالة اعتقال، أمام أحد نواب الوكيل العام بمراكش، وهي المسطرة التي انتهت بإحالته على قاضي التحقيق، الذي استمع إلى الضحايا المفترضات، اللائي تمسكت ست منهن بمتابعته قضائيا، فيما برأته اثنتان من تهمة التحرش بهما. وقد جاء توقيف الفقيه المذكور على إثر إجراء عادي يتعلق ببحث لفائدة العائلة فتحه درك أوريكا، بتاريخ 23 ماي الماضي، في شأن ظروف مغادرة فتاة في ال 17 من عمرها لمنزل أسرتها، وانتقالها إلى الدارالبيضاء، قبل أن تعود في اليوم الموالي لمسقط رأسها وتفجر مفاجأة من عيار ثقيل، متهمة إمام المسجد بأنه كان يمارس عليها الجنس عندما كانت تدرس عنده ب “المسيد”، قبل سبع سنوات، وأنه في إحدى المرات افتض بكارتها، مشيرة إلى أنه اعتاد على هتك عرض القاصرات، اللائي كان مفترضا أن يلقنهن أولى دروسهن في اللغة العربية والتربية الدينية، قبل أن يتقدم آباء فتيات أخريات بشكايات أخرى ضد الفقيه الذي كان يؤم سكان الدوار في الصلوات الخمس، طيلة حوالي 18 سنة.