كان للقدس مكان، أيضا، داخل أروقة المعرض الدولي للكتاب، من خلال لقاء بعنوان: “القدس: من أجل وعي دولي إنساني بتاريخها وبإرثها المشترك”، أشرفت عليه وكالة بيت مال القدس بشراكة مع وزارة الاتصال وشهدت حضور سفير دولة فلسطين بالمغرب جمال الشوبكي، وعدد من المسؤولين الفلسطينيين والأساتذة الباحثين والجامعيين. وفي معرض مداخلته اعتبر السفير الفلسطيني جمال الشوبكي أن الصراع حول القدس، هو صراع سياسي بالدرجة الأولى وليس صراعا دينيا أو عقائديا، معتبرا أن المشكلة ليست مع اليهود، بل مع الصهيونية وممارساتها في المدينة المقدسة. وفي هذا السياق، أبرز المتدخلون أن القدس شكلت على مر التاريخ مجمعا لمختلف الديانات، إذ لاتزال بنود العهدة العمرية شاهدة على أثر التسامح الإسلامي والتفهم المسيحي للعلاقة المثالية القائمة بين أتباع الأديان، مشيرين في الآن ذاته، إلى كون القدس كانت ولازالت مركز اهتمام من قبل العالم، سواء لقيمتها الدينية المتفردة باعتبارها قبلة المسلمين الأولى، أو من حيث قيمتها الحضارية وإجماع العالم على وجوب حمايتها وصيانتها لتبقى معلمة حرة تكرس قيم التآلف بين بني البشر. وعن سياسات التهويد التي تتعرض لها المدينة اعتبر نظمي الجعبة، أستاذ التاريخ والآثار بجامعة “بير زيت”، أن مخططات السيطرة على المدينة بدأت مع نابليون بونبارت، ومذ ذاك أصبحت القدس بؤرة الصراع العالمي. يترجم مكانتها وأهميتها تعرضها للغزوات على مر التاريخ، وكانت تجسد إحدى علامات السيطرة والهيمنة لمن يتمكن منها، وضعفا وهوانا لمن يخسرها. من جانبه، تطرق الباحث الإعلامي المغربي، محمد رضوان، إلى المزاعم الفكرية والاستشراقية اليهودية عن القدس ومحاولاتها على مر التاريخ تكريس الهوية اليهودية للقدس دون المسلمين، مع العمل على محاولة إنكار أهمية المدينة بالنسبة إلى المسلمين. وفي هذا الصدد، وظف المستشرقون اليهود، بحسب رضوان، نصوصا عبرية من التوراة، على اعتبار أنها تتضمن وعودا لليهود بطرد الشعوب الأخرى من القدس وكونهم هم الشعب المختار، بينما في الأصل لا تعدو أن تكون مزاعمهم مجرد ادعاءات تحتوي الكثير من الأساطير والخيال البعيد عن الحقيقة. واتفق المتدخلون على ضرورة وضع حد لسياسة تهويد المدينة ومقدساتها الدينية، ومحاولات عزلها عن محيطها في إطار سياسة ممنهجة تأخذ في كل مناسبة أبعادا خطيرة تصب جميعها في اتجاه واحد، وهو طمس هوية المدينة وتغيير جلدتها وفرض غلبة السكان اليهود عليها وطرد باقي الأفراد منها. وتتجسد هذه السياسيات في المضايقات والحصار والتهجير ومصادرة المساكن والأراضي، بالإضافة إلى بناء المستوطنات، وهي سياسات تجد مبررها في قناعة إسرائيل على أن وجودها قائم على شرعية باطلة ووهم، لا أصل له باستغلالها للظروف التاريخية المواتية لترسيخه على أرض الواقع.