في الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات المناهضة لاستمرار هيمنة اللغة الفرنسية على التعليم المغربي، كشفت مصادر مطلعة عن تسليم تقرير ضخم عن مستقبل التعليم الفرنسي في الخارج إلى رئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وإلى رئيس وزرائه. ويكشف هذا التقرير البرلماني توصيات تطالب السلطات الفرنسية بضرورة “إدخال ديناميكية جديدة في التعليم الفرنسي في الخارج”. معلنا تشبثه ب”شبكة التعليم الفرنسية بالخارج التي أكد على بقائها في خدمة فرنسا والفرنسيين اليوم وغدا”، ومن بينها شبكة المؤسسات التعليمية الفرنسية في المغرب التي تعد واحدة من الأكثر المدارس كثافة في العالم، حيث تضم أكثر من 40 مدرسة تسجل عشرات الآلاف من الطلاب المغاربة. إعادة التفكير في الأداء القديم لهذه الشبكة التعليمية الفرنسية بالخارج، هو من أهم الاستنتاجات التي خلص إليها التقرير الذي أعدته النائبة الفرنسية “سامانثا كازيبون”، مديرة مؤسسة سابقة لمؤسسة تعليمية فرنسية في المغرب وإسبانيا. ويرى متتبعون للشأن الفرنسي، أن التقرير يحث السلطات على ضرورة الإبقاء على الورقة الرابحة للبعثات التعليمية بالخارج بيد فرنسا، كجهة فاعلة أساسية في الوجود الفرنسي في الخارج، وتعزيزا لدور الشبكة المدرسية الفرنسية في الخارج، في تعزيز علاقات التعاون بين المناهج التربوية الفرنسية والأجنبية. ويشير التقرير إلى بعض أوجه القصور والعيوب في النظام التعليمي الفرنسي بالخارج، الذي أصبح متجاوزا وعفا عليه الزمن بلغة التقرير الذي يوصي بإصلاح النظام في العمق. وحسب التقرير ذاته، ما زالت المدارس الثانوية الفرنسية بالخارج، يعاني نظامها التعليمي من انخفاض في التمويل العام، والتي تحاول السلطات الفرنسية تعويضه بالزيادة في تكلفة هذا التعليم التي زادت بأكثر من 60 في المائة في عشر سنوات، مما تسبب في غضب الأسر. وحسب المعطيات التي تضمنها التقرير البرلماني الذي سلمت نسخة منه للرئيس الفرنسي، فإن خارطة الطريق المستقبلية لإصلاح المدارس الثانوية الفرنسية في الخارج تقدم على حلول مرتبطة بضرورة إعادة النظر في طرق تمويل هذه المدارس. يشار إلى أن وكالة التعليم الفرنسي في الخارج، هي التي تقوم بتنشيط وإدارة شبكة التعليم الفرنسي في الخارج، وهي مؤسسة عامة خاضعة لوصاية وزارة الشؤون الخارجية. وتضطلع هذه البعثات الأجنبية بمهمة مزدوجة تتمثل في ضمان استمرارية الخدمة العامة لتعليم الأطفال الفرنسيين خارج الحدود، والمساهمة في نشر اللغة والثقافة الفرنسيتين في الخارج. ولدى هذه الشبكة المدرسية الفريدة من نوعها في العالم 480 مؤسسة تستقبل أكثر من 310000 طالب في 130 بلداً. وتعليقا على هذا التقرير، شدد فؤاد أبو علي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، أن اهتمام السلطات الفرنسية ببعثاتها التعليمة بالخارج، لا ينبع من البعد الثقافي لتقوية اللغة الفرنسية، بل إن الأمر له أبعاد اقتصادية واستراتيجية، فاللغة الفرنسية ليست من اللغات التي تستطيع أن تفرض نفسها بالعلم والتقدم المعرفي، بل هي لغة صراعية تحاول أن تفرض وجودها عن طريق فرض التعليم الفرنسية وتقوية الاهتمام باللغة الفرنسية، من أجل الحفاظ على الأبعاد الاستراتيجية للدولة الفرنسية، فهي تشكل امتدادا لسياستها. وأكد أبو علي، أن الاهتمام الفرنسي بالبعثات الأجنبية، هو جزء من سياسة فرنسا، وتشجيع تعليم اللغة الفرنسية هو جزء من هذه السياسة، لأنه تعليم يدخل ضمن استراتيجية الدولة، نافيا أن يكون الاهتمام باللغة الفرنسية هو اهتمام بالذاكرة والثقافة الفرنسية في الدول التي كانت مستعمرة من قبل فرنسا.