عاد الباحث في الدراسات الإسلامية، محمد عبد الوهاب رفيقي، أمس الخميس، إلى الحديث عن الجدل، الذي خلقته واقعة معهد الأئمة في الرباط، عندما تم المزج بين ابتهالات دينية، اعتبرها بعض “أذانا”، وترانيم مسيحية، واستحضر في توضيحه ذلك محاكمة الفنان اللبناني، مارسيل خليفة، في قضية مشابهة، وتقديم المغني التركي، محمد فاروق، لسورة الفاتحة مصحوبة بالعزف من دون وجود استنكار للأمر، ملخصا هذا الجدل في “النظرة الدونية للفن من طرف الفكر السلفي”. وكتب “أبو حفص” في تدوينة مطولة في “فايسبوك” أن الفنان اللبناني المشهور، مارسيل خليفة، مثل، قبل حوالي 20 سنة، أمام القضاء بتهمة تحقير الدين الإسلامي، بدعوى غنائه لقصيدة شعرية تتضمن آية قرآنية، وهي قصيدة محمود درويش: “أنا يوسف يا أبي”، التي جاء فيها: “هل جنيت على أحد عندما قلت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين”. وأضاف رفيقي أن القصيدة”.غناها مارسيل بصوته الجميل، وهو يعزف على العود، فقامت دنيا السلفيين ولم تقعد، إذ بلغ الأمر حد المحاكمة، ومطالبة النيابة بسجنه ثلاث سنين”. وأبرز أبو حفص أن “الاعتقاد بأن الفن يدنس القرآن والمقدس، عموما، هي فكرة سلفية قائمة على النظرة الدونية للفن، ولذلك لا تجد مثل هذا الاستنكار إلا في المجتمعات ذات الهوى السلفي، والتي لا تعرف للفن قيمة، ولا تدرك دوره الروحي، والعرفاني، لا تعرف منه إلا ما كان مثيرا للغرائز لا ما كان وسيلة للسمو الروحي، وعلاجا للتوتر، والقلق النفسي”. واستدل رفيقي في تعزيزه لموقفه بواقعة أداء المغني التركي المشهور، عمر الفاروق تكبليك سورة الفاتحة مصحوبة بالعزف، وعدم استنكار الأتراك للأمر، على الرغم من أنهم شعب متعصب لهويته الدينية، والقومية، مبرزا أن الفكر السلفي “لم يجد منفذا لاختراق تركيا لسبب واضح هو أن من تربى على تراث شمس الدين التبريزي، وجلال الدين الرومي، وكل المولوية لا يجد أي غضاضة في توظيف الفن لأغراض فنية، وأن الصوفية في بلادنا، وغيرها أنشدوا، وعزفوا أروع القصائد الدينية، متضمنة لمقاطع من الشهادتين، وغيرها من دون أي نكير، أو استهجان”. وزاد أبو حفص في تدوينته: “من حسن حظ مارسيل أنه حوكم في لبنان، حيث إن الطوائف الدينية متعددة، وحيث عارض الجميع محاكمته باستثناء التيار السني الموالي للسلفية، فكان الحكم بالبراءة، لكن الحالة النادرة، فعلا، هي ما عرفه المغرب: صوفي يرقص الحضرة، ويشارك الصوفية في كل احتفالاتهم، ومواسمهم الدينية، ثم يستنكر، ويندد بما وقع في معهد إعداد الأئمة..”. وختم رفيقي تدوينته بكتابة: “حتى نعرف أنه ليس كل إنكار، ولا صياح خلفه حمية دينية صادقة… وإنما لحاجة في نفس يعقوب لم يقضها”. وخلقت واقعة المزج بين ابتهالات دينية، وترانيم مسيحية، في معهد الأئمة في الرباط، بحضور الملك محمد السادس، والبابا “فرانسيس”، استنكارا من طرف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي وصف ما حدث ب”تلفيق” بين الأذان والترانيم الكنسية، رافضا إياه، وقبل ذلك كانت رابطة علماء المسلمين قد أصدرت بيانا، قالت فيه إن ما وقع “محرم شرعا”.