في واقعة غير مسبوقة، قام المئات من سكان جماعة بني زروال بضواحي تاونات، أغلبهم من الشباب، يوم أول أمس الأربعاء، بمحاصرة قائد المنطقة واحتجازه معية عون سلطة برتبة مقدم، داخل سيارة المصلحة الخاصة برجال السلطة، وذلك ردا منهم على حضوره منذ الصباح الباكر، لشن حملة على زراعة القنب الهندي بالحقول المترامية الأطراف بهذه المنطقة التي تنشط فيها زراعة «الكيف». واستنادا للمعلومات التي حصلت عليها «أخبار اليوم» من مصادرها القريبة من الموضوع بعين المكان، فإن القائد الشاب والذي جرى تعيينه مؤخرا على رأس السلطة المحلية لجماعة سيدي يحيى بني زروال، التابعة لدائرة غفساي بإقليم تاونات، قام صباح أول أمس الأربعاء، رفقة عون السلطة بجولة ميدانية بحقول «الكيف» المنتشرة بدوار الزاوية التابع للنفوذ الترابي لقيادة جماعة بني زروال، بضواحي مدينة تاونات، وذلك لرصد الأراضي التي زرع فيها أصحابها نبتة القنب الهندي، ووضع لائحة بأسمائهم وإنجاز محاضر وإحالتها على وكيل الملك، حيث فوجئ القائد، تضيف مصادر الجريدة، بجمع غفير من سكان الدوار، أغلبهم من الشباب، حلوا بالحقول التي يتواجد بها القائد وعون السلطة، وحاصروهما بالصراخ ورفع الشعارات، قبل أن يلتحق بهم سكان باقي المناطق القريبة من دوارهم، مما دفع بالقائد للهروب بسيارته التي تحصن بداخلها، فيما حاصر المحتجون الغاضبون السيارة ومنعوها من التحرك لأزيد من خمس ساعات، بعدما طالبوا بحضور عامل عمالة تاونات لعين المكان. بعد وصول خبر احتجاز ومحاصرة القائد داخل سيارته وسط حقول «الكيف»، إلى علم سلطات عمالة تاونات، سارعت إلى الدفع بتعزيزات أمنية، لرجال الدرك التابعين لسرية مدينة «قرية با محمد»، والذين نفذوا معية عناصر القوات العمومية بالجماعات القريبة وآخرين قدموا من مقر العمالة بتاونات، إنزالا أمنيا بدوار «الزاوية» الذي جرى فيه احتجاز رجل السلطة داخل سيارته، حيث قاموا بفرض طوق أمني على السيارة قبل أن تنطلق صوب مقر القيادة بجماعة بني زروال، حيث يوجد مقر عمل القائد، غير أن المحتجين الغاضبين، تردف مصادر» أخبار اليوم»، أصروا على مرافقة سيارة القائد ومنعه من الخروج منها، حيث انطلقوا في مسيرة حاشدة على الأقدام تجاوزت ألف شخص، إلى أن وصلوا إلى مقر الجماعة الذي يبعد عن حقول «الكيف» بأزيد من عشر كيلومترات، وهم يحيطون بسيارة القائد من كل جانب. من جهتها، قالت مصادر عاينت حالة الاحتقان التي كادت أن تتطور إلى مواجهات ما بين القوات العمومية والمحتجين، إن هؤلاء أصروا على مواصلة محاصرتهم للقائد داخل سيارته بأمام مقر مكتبه بجماعة بني زروال، بعدما قضى بداخلها أزيد من عشر ساعات، منذ فراره إليها في الساعة العاشرة من صباح أول أمس الأربعاء، هربا من المحتجين الذين فاجؤوه داخل حقول «الكيف» بدوار «الزاوية»، مما عجل بحضور وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاونات ولجنة من العمالة يترأسها الكاتب العام، فيما رافقتهم تعزيزات أمنية إضافية للقوات المساعدة، حيث اجتمعوا بممثلين عن المحتجين الغاضبين على حملة القائد ضد أراضيهم المزروعة، في لقاء وصفته مصادر الجريدة بالمشحون، استمر حتى وقت متأخر من ليلة الأربعاء- الخميس الأخيرة، حيث نجح الكاتب العام ووكيل الملك، في إقناع السكان بفك حصارهم عن القائد، بعدما حصلوا منهما على وعد بفتح بحث فيما وقع، حيث يتهم المحتجون القائد «بابتزازهم» بسبب حقول «الكيف»، وأنه نعتهم بأقبح الأوصاف الحاطة من كرامتهم، فيما رد القائد بأنه كان يقوم بمهمته كممثل للسلطة بالمنطقة، معية مقدم دوار الزاوية، لمعاينة الأراضي الذي قام أصحابها بزراعتها مؤخرا بالقنب الهندي وإنجاز محاضر لهم. واقعة احتجاز قائد جماعة بني زروال بضواحي تاونات، أعادت الجدل من جديد لمطالب سكان المنطقة، والذين طالبوا في شعاراتهم بتمكينهم من بدائل حقيقية لكسب عيشهم بدلا عن»الكيف»، كما نادوا بإيقاف المتابعات القضائية ضدهم بسبب زراعتهم للقنب الهندي، وعرض ملفاتهم وباقي ملفات المبحوث عنهم بمختلف المناطق التي تشتهر بهذه الزراعة، يزيدون عن 140 ألف مزارع، على لجنة العفو المختصة. يذكر أن فريق حزب الاستقلال على عهد أمينه العام السابق حميد شباط، سبق له نهاية سنة 2013، أن قدم مقترح قانون لتقنين زراعة الكيف وتوجيهه إلى الصناعات الصيدلانية، لكن المقترح الاستقلالي عارضته حينها باقي الفرق السياسية وجهات عليا بالدولة، وحجتها في ذلك التحذيرات الصادرة عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، والتي أبدت وقوفها ضد إلغاء المغرب تجريم استعمال أو المتاجرة بالقنب الهندي ومشتقاته، معتبرة أن ذلك قد يشجع «مافيات» وتجار المخدرات، ويضع المغرب في وضعية المخالف لقوانين دولية نصت عليها اتفاقيات عديدة، خاصة اتفاقية "فيينا" التي يعد المغرب من الموقعين عليها، تورد مصادر «أخبار اليوم».