«الصهاينة» متحمسون لعقد «صفقة القرن» بتواطؤ عربي.. واشنطن صارت تستخلص «الجزية» من المسلمين القاطنين بالكرة الأرضية.. عالم عربي وإسلامي في غيبوبة تامة عما يُحاك ضده، وليس في حوزته خطط حقيقية للاستيقاظ.. سودان يرقص رقصة الديك المذبوح، بعد حراك شعبي انتهى بسيطرة العسكر.. عراق سقط ولم يقم، بين طائفية تاريخية، وجراح استعمار أمريكي، وآخر إيراني.. سوريا هيكل عظمي لدولة خائرة القوى.. مصر بوجه متجعد، تلبس بذلة عسكرية، وتضع على صدرها المترهل نياشين الانقلاب، وتقف حائرة تفكر في كيفية مسح لعنة «استشهاد رمز ديمقراطيتها الوحيدة على مدى تاريخها الطويل في المحكمة، بسبب الإهمال الطبي طيلة سنوات من التعذيب النفسي والحبس الانفرادي».. اتحاد مغاربي عليل، وخليج رمى عباءة التاريخ العربي والإسلامي، ولبس الماركات المسجلة باسم الغرب بلا ذوق. أما المغرب، فهو جمل صبور برئة سليمة وأخرى مهددة بالربو، يترنح في صحراء قلّ ما تجد فيها من يتركك تروي عطشك الطويل بما يكفي لتستمر في الحياة. في شرق المغرب، جارة يحكمها عسكر، يتقن وضع العصا في «الرويضة»، كلما سنحت له الفرصة.. يزعجه استقرار وتطور هذا البلد، حتى وإن كان بطيئا، ويصيبه بالحرج أمام شعبه «الزوالي» الذي يحاول بدوره الانعتاق من قبضة «الضباط»، الذين فرقوا بين أكثر من امرئ وزوجه، وأغلقوا الحدود، وتسببوا في قطع أرحام شعبين يجمع بينهما أكثر من رابط، وخلقوا عداوات مجانية ليس وراءها طائل ولا ربح. صحيح أن مغربنا الصبور، مستقر وآمن، لكن بالمقابل، نجد أنه لا خطط تنموية نجحت، ولا سياسات عمومية كانت في المستوى. وذلك باعتراف جلالة الملك نفسه، الذي دعا قبل حوالي سنة من الآن، إلى إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي من أجل مواكبة التطورات التي تعرفها المملكة، وصياغة رؤية مندمجة قادرة على إعطائه نفسا جديدا. وبينما الشعب ينتظر برامج حقيقية وأطاريح نوعية، ونموذجا تنمويا جديدا، مرفوقا بجو منتصر للحريات العامة والديمقراطية، من أجل إعادة هيكلة بلد يتجه نحو التيه، وتقوية مؤسساته ولحمته الداخلية أمام التحديات الإقليمية والدولية، كانت الاستجابة ضعيفة جدا. في حين ازدهرت ظاهرة «تسويق الأرداف»، في زمن «الطراكس» و»تسونامي» و»كيم كارديشان المغرب» والراقصة «مايا» والراقص «نور» المتحول جنسيا؛ وتنامت ظاهرة إشهار التافهين من رواد التفكير العشوائي، بشكل لا يخلو من إمعان وإصرار هادف إلى ترميزهم كمشاهير وقدوات، قادرين على صناعة وعي جمعي، وتوجيه الرأي العام في عديد القضايا والملفات، في ظل تغييب مقصود لمثقفي ومفكري الوطن. أما إعلامنا – إلا من رحم ربك- فقد طلّق المهنية بالثلاث، وسقط في حضن التفاهة مغشيا عليه، وامتهن التشهير بالمثقفين والسياسيين والصحافيين، وبكل من يزعج السلطة بفكرة أو نقد فكرة، فرأيناه يجرم متابَعين قضائيا، قبل حكم المحكمة، وشاهدناه يستهدف الحياة الخاصة للناس بالتشهير والكذب والافتراء في حالات وأحايين كثيرة، وبطرق مختلفة. ورغم كل هذه الرداءة والتراجع الأخلاقي والحقوقي، الذي يعيشه البلد، باعتراف حقوقييه وسياسييه، لازلنا كلنا، دولة ومجتمعا، غير قادرين على الاعتراف بأخطائنا، ثم محاولة تصحيحها، كل من جهته. والسبب يعود إلى ما تحدث عنه الروائي المغربي الراحل محمد شكري، في روايته «وجوه»، حينما قال: «لم تكن لدينا مرآة في الدار، لأن لا أحد منا كان يريد أن يرى وجهه فيها»؛ فهل لنا ما يكفي من الشجاعة للنظر إلى وجوهنا – بقبحها وجمالها – في مرآة الديمقراطية والحرية والقيم الكونية؟ عموما، لننتظر ونرى – بتفاؤل- ما سيحدث!