بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة. منذ قرن من الزمن، «تأسبنت» الجماهير الكروية المغربية. إذ إنه رغم نقل القنوات الفضائية مباريات الدوريات الفرنسي والإنجليزي والإيطالي، فإنه لا صوت يعلو في الشوارع على صوت الليغا الإسبانية. ونتيجة لعولمة ثقافة الفرجة، فإن سمعة إسبانيا في المغرب مرتبطة بشكل كبير بكرة القدم، أكثر من التغيرات الكبيرة التي عرفتها بعد سقوط الديكتاتور فرانكو. فالشباب في المدن يحفظون تشكيلتي فريقي ريال مدريدوبرشلونة، وكل واحد يدافع عن فريقه المفضل. وفي مدن الشمال والدار البيضاء ومراكش والرباط، تنتشر الجمعيات الكروية المرتبطة بفريقي برشلونة وريال مدريد. هذه الجمعيات تكون في بعض الأحايين مدعومة من لدن مجالس إدارة الناديين. وهي الجمعيات التي تفوق قدرتها على الحشد قدرة الأحزاب السياسية، التي فقدت مصداقيتها، وصارت غير قادرة على التجديد. في الأحياء الشعبية، تخلو الشوارع من المارة بالتزامن مع نقل مجريات مباريات برشلونةومدريد. هناك متابعون للمباريات يرتدون قمصان ريال مدريدوبرشلونة، مع غلبة واضحة لقمصان البارصا. عندما كان أصغر أبنائي بالتبني يبلغ من العمر 5 أو 6 سنوات، كان يتوفر على قميصي الفريقين. عندما يفوز الريال يشهر الأبيض، وإذا فازت البارصا يضع البلوغرانا. منذ تاريخ غير بعيد، تأكدت بالملموس من تأثير سحر الفريق البرشلوني على الجماهير المغربية. كنت بصدد شراء جرائد في ساحة جامع الفنا، قبل أن تثير انتباهي مجموعة من خمسين طفلا يركضون دون وجهة من مكان إلى آخر. لقد علموا، وفق ما أخبروني به، بأن رئيس برشلونة (سابقا) لابويرطا يوجد في المدينة، وكانوا يحاولون البحث عنه في البازارات وقيصاريات السمارين. مجموعات أخرى آتية من أحياء مختلفة كانت تبحث عن الهدف نفسه. لا أعرف كيف انتهت حكاية ذلك البحث، هل عثروا عليه أم لا، لكن الحماس الذي أثاره حضور رئيس برشلونة فاق ذلك الذي يمكن أن يثيره مجيء أي شخصية سياسية وطنية أو أوروبية. قناعتي تلك تعززت بعد ذلك بأيام بدليل آخر؛ من جديد في ساحة جامع الفنا، رأيت موكبًا من سيارات الليموزين يرافقه سائقو الدراجات النارية، وكانت تسبقه عربة للأمن. فجأة توقف الموكب على بعد خمسين مترا من المكان الذي كنت أوجد فيه، وعندما فتح الباب، ظهر الرئيس الفرنسي جاك شيراك. كان المارة ورواد المكان ينظرون إليه بفضول وأدب، لكن دون أي حماس يذكر. كانوا يقولون: «انظر.. إنه شيراك». المقارنة بين مشهدي لابويرطا وشيراك فرضت نفسها، وجعلتني أبتسم. اليوم، ينتشر الإعجاب بفريق بيبي غوارديولا (مدرب البارصا سابقا) من الشمال إلى الجنوب. وقد انتبه مقال في الصحيفة المستقلة والناقدة «نيشان» إلى هذا العشق الجماعي لبرشلونة. رسوم «عاشت البارصا» تزين الكثير من الجدران وأسوار المدينة. فحتى شعار برشلونة يظهر في السيارات والشاحنات والعربات وسيارات الأجرة والحافلات والدراجات الهوائية والنارية، وفي الزجاج الأمامي والمقطورات. وفي المرآة الخلفية الداخلية للسيارات، جنبا إلى جنب مع اسم الله ويد فاطمة (خميسة باللغة العربية وتافوست بالأمازيغية). الحاملون وماسحو الأحذية مثلهم مثل الأطفال الرياضيين وتلاميذ الإعدادي يرتدون قمصان البارصا مع اسم اللاعب المفضل لديهم.