اتخذ ملف توفيق بوعشرين مؤسس “أخبار اليوم” و”اليوم 24″ منحى جديدا بقرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء مؤخرا، ضم طلب رفع الاعتقال التعسفي الصادر عن فريق العمل التابع للأمم المتحدة، إلى جوهر الموضوع، وأيضا رفض طلب متابعته في حالة سراح، وهو الطلب الذي تقدم به الدفاع لأول مرة منذ انطلاق محاكمته، مما أفرز معطيات جديدة دفعت إلى استعجال تأخير المحاكمة إلى حين الوقوف على المعطيات الجديد واتخاذ قرارات من شأنها التأثير في مسار المحاكمة التي وصلت مرحلة حاسمة. وتواصل المحكمة النظر في القضية اليوم الثلاثاء. وحول حيثيات قرار المحكمة، وفي قراءة قانونية للمعطيات الجديدة كشف النقيب عبداللطيف أوعمو أن تقديم السراح المؤقت جاء من منظور إعطاء الفرصة من جديد للمحكمة لتصحيح وضع يظهر من خلاله أنها محرجة، والأمر يتعلق بالطريقة التي تم بها اعتقال بوعشرين، من طرف الشرطة القضائية، وما ترتب عن ذلك من إجراءات تم التفصيل فيها أمام المحكمة، وبدت تجلياتها واضحة من خلال أدوات المسطرة المتخذة من طرف الشرطة القضائية والنيابة العامة، وأيضا المأزق الذي صارت فيه المحكمة والقضاء بعد صدور رأي فريق العمل للأمم المتحدة الخاص بالاعتقال التعسفي والحريات. وفصل النقيب أوعمو في تصريح ل”أخبار اليوم” أن المحكمة ظنت أن الأمر عادي ويتعلق بأن الأدوات المسطرية المطعون فيها يمكن أن تضع لها تقييما وأن تعطي رأيها فيها كأداة لتكوين قناعتها بعد مناقشة الموضوع، وهو ما جعلها تقرر من خلال حكمها التمهيدي أن تضمها للجوهر، وهو ما يعطيها فرصة بعد الاستماع إلى بوعشرين ومناقشة الموضوع، لإعادة بسط مدى علاقة الأدوات المسطرية المطعون فيها كأساس لبناء قناعتها. وأضاف المتحدث أن المحكمة وجدت نفسها أمام معطى جديدا يتعلق بالرأي الأممي، وباعتباره يهم مسؤولية الدولة برمتها، فالمحكمة لم تدر ما إذا كانت هي المسؤولة للإجابة عنه، أو أن تعتبره كمعطى جديد وتأخذ الأمر بجدية، فظنت أن بإمكانها أن تعتبره مجرد طعن في الإجراءات المسطرية، عن طريق استعمال الرأي الأممي، ومن تم اعتباره دفعا في الشكل، الذي سبق وأن بثت فيه بضمه للجوهر. وواصل أوعمو، قائلا: “أمام هذا المأزق المسطري القانوني في إطار مغرب جديد، يؤمن بالحريات وبدستور جديد، يجعل التزامات المغرب الأممية في إطار الإيمان والالتزام بالمواثيق الدولية وتنفيذها، حسب الدستور، لأنه يعطيها الأولوية في التشريع، فإن هيئة دفاع بوعشرين اعتقدت أنه يمكن أن تفتح للمحكمة فرصة من جديد لتعميق النظر في مدى سلامة موقفها، وذلك عن طريق تقديم السراح المؤقت، والذي قد يكون مخرجا من المأزق، ويجعل بوعشرين يحاكم وهو حر وطليق، في تقديم دفوعاته وتوضيح موقفه من الوقائع المنسوبة إليه بشكل طبيعي وعادي، إلا أن المحكمة لم ترد استغلال الفرصة وقررت أن تباشر الملف على حالته”. دفاع بوعشرين اعتبر أن الوضعية لا يمكنها أن تستمر في إطار قواعد المحاكمة العادلة كما تعهد بها المغرب ويأمر بها الدستور، يضيف أوعمو، وما يتطلبه من تفكير لتحديد ما يمكن اتخاذه في الوضعية الحالية، وهو السبب الرئيس الذي جعل الدفاع يطلب التأخير في الجلسة الماضية، للاطلاع على مدى إقناع الحيثيات الواردة في القرار التمهيدي الذي رفض الدفوعات الشكلية، وخصوصا تعامل المحكمة مع المعطى الجديد الوارد في الملف، ثم النظر في ما إذا كان الأمر يستدعي تغيير تصميم خطة الدفاع على أساس المعطيات التي فصلها في المرحلة الابتدائية، وكيف سيتعامل معها في مرحلة الاستئناف انطلاقا من التعليل الابتدائي الذي اعتبره الدفاع دروسا في الأخلاق العامة بدل مقارعة الملف من خلال معطياته التقنية وأدواته المسطرية والأساس الصحيح والمقنع، وهو ما لم يندرج في التعليل الابتدائي. ومن جانبه، أوضح سعد السهلي عن هيئة دفاع بوعشرين أن المحكمة بقرارها إرجاء البت في رفع الاعتقال التعسفي عن توفيق بوعشرين، إلى حين مناقشة الجوهر، وهو ما يعني أن طلب رفع الاعتقال تم الحكم فيه، وبالتالي، فالدفاع قرر تغيير استراتيجيته بخصوص ذلك، وطلب المتابعة في حالة سراح، والذي اعتبره الدفاع مخرجا للمحكمة لتصحيح الأوضاع. وأفاد المحامي السهلي في اتصال مع “أخبار اليوم” أن السراح يتم طلبه في الاعتقال الاحتياطي وهو الاعتقال المشروع، غير أن المحكمة لم تتجاوب مع المعطى الجديد، مع الإشارة إلى أن الدفاع لم يتراجع عن رفع الاعتقال التعسفي، مضيفا أن الدفاع يحاول بذل المرونة اللازمة لتتبع سير المحاكمة، غير أنه تأكد أن محاكمة بوعشرين في حالة اعتقال ستستمر في جميع الأحوال، وهو ما يجعل بوعشرين يعيد حساباته تجاه المحاكمة العادلة وشروطها. مؤكدا أن المحاكمة العادلة تظهر من خلال قراراتها القضائية في الملف، وليس ورودا أو شعارات يرمى بها على وجه القضاة، موضحا أن المحاكمة العادلة تظهر من خلال احترام بعض الشروط، ولا يكفي الحقوق الدنيا للمتهم، بل جميع حقوقه، وبالتالي، فالعديد من القرارات القضائية لم يتم الاستجابة لها، وتم اتخاذ قرارات برفض الطلب أو إرجاء البت أو الضم للجوهر، وهو إخلال بضوابط المحاكمة العادلة، وكان على بوعشرين أن يعيد قراءة الأمور واتخاذ استراتيجية جديدة في مقبل جلسات المحاكمة.