انعكست حالة الانقسام التنظيمي الداخلي التي يمر منها حزب الأصالة والمعاصرة، على أولى دورات مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، بعد طي مرحلة إلياس العماري، بشكل نهائي، وبداية مرحلة جديدة تقودها القيادية في تيار المستقبل المناوئ لحكيم بنشماس، فاطمة الحساني. وظهرت بوادر الخلاف بين الطرفين في مداخلة سياسية تقمص فيها المستشار أحمد التهامي، والذي يشغل تنظيميا رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع لحزب الجرار، دور المعارضة. المستشار التهامي لم يرقه تخصيص غلاف مالي لم يتعد 12 مليون درهم لفائدة إقليمالمضيقالفنيدق، من أصل 825 مليون درهم مجموع المداخيل المتوقعة في مشروع ميزانية السنة المقبلة، معتبرا أن الاعتماد المخصص للمدن الحدودية مع مدينة سبتةالمحتلة، ضئيل جدا ولا يلبي الحاجيات التنموية في تراب الإقليم، الذي يعتبر ممرا وطنيا لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج خلال فصل الصيف. وطالب التهامي في معرض مداخلته بتقليص الفوارق المجالية بين الأقاليم، وإيصال المجهود التنموي للمناطق الأقل استفادة من المشاريع على مستوى الجهة، حيث استفادت مناطقه القروية من أربعة مشاريع فقط لفك العزلة، وهي نسبة ضعيفة جدا، على حد قوله. في نفس السياق، انتقد المستشار الجماعي بمجلس الجهة عن حزب الأصالة والمعاصرة، بطء تنفيذ دراسة حول مشكل التهريب في نقطة العبور الحدودية باب سبتة، والتي لم تتجاوز نسبة الإنجاز بها 25 في المائة، وذلك بعد مرور عام على مصادقة المجلس على تمويلها بغلاف مالي، خصص له مليون ونصف الميلون درهم، لدراسة استراتيجية التنمية الملائمة للمناطق الحدودية. لكن أحمد التهامي اعتبر في دردشة جانبية مع «أخبار اليوم»، أن توصيف مداخلته بممارسة المعارضة غير دقيق، مؤكدا أنه «يمارس حقه في التعبير عن رأيه فيما يتعلق بسؤال العدالة المجالية والتنموية»، ومن جهة أخرى يرافع عن المجال الترابي الذي ينتمي إليه، والذي يتوفر على تمثيلية مستشارين عن حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس جهة الشمال. ورغم المداخلة السياسية المطولة لممثل تيار حكيم بنشماس داخل فريق البام بمجلس الجهة، فإنه رفع يده مصوتا إلى جانب جميع أعضاء المجلس الحاضرين في الدورة الاستثنائية على مشروع ميزانية سنة 2020، كما تم عرض تفاصيلها في بطاقة توضيحية من جزئين أحدهما يتعلق بمصاريف التسيير، والثاني خاص بنفقات التجهيز، إذ تشكل برامج تأهيل العالم القروي وفك العزلة 63 بالمائة من مجموعها. من جهتها، ردت رئيسة المجلس فاطمة الحساني، على مداخلة زميلها في الحزب أنها ستأخذ جميع الملاحظات بعين الاعتبار، وستعطي الأولوية للاختصاصات الذاتية لمجلس الجهة، معلنة أنها ستعمل على تنظيم يوم دراسي بشراكة مع وكالة تنفيذ المشاريع، للوقوف بالتفصيل الدقيق والممل لما تم إنجازه وما تم تنفيذه، ومعرفة ما هي الأولويات التي ستترجم العدالة المجالية على أرض مع المؤشرات. وأوضحت أن مشروع الميزانية بدأ الاشتغال عليه في المرحلة السابقة، في إشارة إلى الفترة التي سبقت استقالة إلياس العماري من منصبه، قبل أن يواصل المكتب المسير الجديد في ظرف أسبوع التحضير لفصول الميزانية، وإدخال التعديلات عليها، وملاءمتها مع الأولويات والاختصاصات الذاتية للجهة، قبل أن توجه رسالة إلى مختلف المستشارين الذين أبدوا ملاحظاتهم بشأن وثيقة الحساب الإداري. وبحسب نفس الوثيقة التي حصلت الجريدة على نسخة منها، فقد بلغ مجموع المداخيل التوقعية 825 مليون درهم، ستوزع منها على مصاريف التسيير 273 مليون درهم، فيما ستذهب 551 مليون درهم لنفقات التجهيز، خصص منها للعالم القروي 459 مليون درهم، أي ما يعادل 62 في المائة من مجموع إمدادات الدولة. تبقى الإشارة إلى أن أشغال الدورة الاستثنائية المؤجلة عن شهر أكتوبر، عرفت مناقشة 27 نقطة في جدول أعمالها، تم المصادقة عليها بإجماع الأعضاء الحاضرين، في أول جلسة رسمية لبرلمان الجهة يجلس فيها حزبا الأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية، على طاولة واحدة في الأغلبية المسيرة لمجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة. وعرفت دورة أكتوبر المؤجلة، غيابات كثيرة قاربت ثلث أعضاء المجلس، إذ بلغ مجموع الغائبين 19 عضوا، أبرزهم الرئيس السابق إلياس العماري، واثنين من نوابه، هما محمد سعود عن حزب الاستقلال، وإمبراطور العقار في طنجة، البرلماني محمد الزموري، عن حزب الاتحاد الدستوري، الذي يرى ملاحظون أنه كان أكبر الخاسرين سياسيا، بسبب الاعتراض عليه من طرف القيادي في تيار المستقبل بحزب الأًصالة والمعاصرة، أحمد الإدريسي، الذي كان له دور رئيسي في هندسة التحالف بين البام والبيجيدي.