في سياق مداخلة له، في يوم دراسي نظمته المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أول أمس، انتقد الناشط الأمازيغي، أحمد عصيد بشدة تناقضات المجتمع والدولة، معتبرا أن القانون الجنائي الحالي هو “ضد حرية الفرد“، وذلك بتجريمه حرية المعتقد والمثلية، داعيا إلى ملاءمته مع الدستور والمواثيق الدولية، ومع تطور العلم. ومن الأطروحات التي هاجمها عصيد، والتي تؤكدا بأنه لا يمكن إدخال إصلاحات لأن “المجتمع محافظ“، قال: “إن هذا غير صحيح لأنه ينبغي النظر إلى السلوكيات الفعلية والحقيقية للناس وليس لما يصرح به رجل الشارع“، واعتبر أنه من الناحية السوسيولوجية، فإن “الممارسة هي الحقيقة” المجتمعية، “إذ نجد شخصا محافظا يعطي دروسا في الوعظ والإرشاد،ولكن له ممارسات أخرى.. فهل نأخذ بما يقوله أم نعمل بسلوكه“؟ داعيا من “يدعون أن المجتمع محافظ أن يُراجِعوا مواقفهم“. وتابع عصيد أن من يوصفون بالمحافظين “وجدوا أنفسهم في وضعيات يحتاجون فيها لحريتهم رغم أنهم ضد هذه الحرية“، معتبرا أن “أول ضحايا الحريات هم من يقفون ضدالحريات“. وأوضح أن المجتمع المحافظ “تصنعه السياسات عمومية ولا يوجد مجتمع ذو طبيعة ثابتة“، وأن السياسات هي التي تصنع المجتمعات، داعيا إلى “صناعة مجتمع جديدبإرادة سياسية“. وبخصوص المثلية، التي يجرمها القانون الجنائي، تساءل عصيد “من هو المثلي علميا؟“، هل النخب ناقشت هذا الأمر؟ معتبرا أن المعرفة العلمية “ستبين الظلم الذي نمارسه في حقالمثلي حين ننظر إليه ونحاكمه ونواجهه بالعنف في أمور تتعلق بطبيعته، في حين لا يجب أن نعاقب الأشخاص على طبيعتهم واختياراتهم الحرة“. واعتبر عصيد أن القانون الجنائي يناقض العلم، أيضا، في مجال إثبات النسب، وتساءل “كيف لازال القضاء يعتمد قاعدة الولد للفراش التي تعود ل1200 سنة ولا يعترف بتحليل الحمض النووي لإثبات النسب، مذكرا بالحكم الإيجابي الذي صدر في طنجة لصالح اعتماد تحليل الحمض النووي، لإثبات النسب قبل إلغائه بحكم استئنافي. وبخصوص حرية المعتقد، استغرب عصيد كيف أن الدستور يعترف بها، وكيف أن هناك أقليات موجودة يستقبلها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتتحدث في القنوات التلفزيونية الأجنبية وتمارس طقوسها التعبدية، في حين أن “القانون الجنائي لا يعترف بها“، داعيا إلى الاعتراف بهذه الأقليات، خاصة أن الدستور يعترف بحرية المعتقد، والمغرب وقّع علىالقرار الأممي حول حرية المعتقد في مارس 2014. وأكد عصيد أن الدستور المغربي لسنة 2011 “وُضِع للواجهة الخارجية“، في حين أن القانون الجنائي وضع بهدف “الضغط والرقابة الداخلية“، معلقا أنه “لا يمكن لدولة أن يكون لها وجهان.. لها قانون متقدم، وقانون جنائي متناقض معه“، داعيا للخروج من هذه التناقضات. وأضاف أن القانون الجنائي الحالي يعطي الحق لرجل الشرطة في “جرجرة” شاب وشابة إلى مخفر الشرطة فقط، لأنهما يجلسان في حديقة، لأن “هذا القانون يعطيه الحق في التدخل في علاقات الحب والقُبل والتعبير عن العواطف“. داعيا إلى معالجة هذهالتناقضات في الدستور، ومراعاة التحولات المجتمعية الكبيرة التي عرفها المغرب منذ وضع القانون الجنائي في الستينيات.