أخنوش في مؤتمر ل"الفاو": رصدنا 14 مليار دولار لإيجاد حلول لأزمة الماء في السنوات الست القادمة    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    تراجع نفوذ متواصل.. بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين    هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    أسود القاعة يبحثون غدا عن بطاقة التأهل إلى مونديال أوزبكستان على حساب ليبيا    نهضة بركان يشد اليوم الرحال إلى الجزائر لمواجهة اتحاد العاصمة في كأس "الكاف"    لماذا رفض لاعبان من ريال مدريد تسديد الركلات الترجيحية ضد مانشستر سيتي؟    تضم مواطنا سوريا.. تفكيك عصابة للنصب على الراغبين في الهجرة بفاس    سفيرة المغرب بإسبانيا تعلن عن التزام الرباط بإعادة فتح المعابر التجارية مع مليلية وسبتة رغم التأخيرات    اليوم العالمي للتراث .. مناسبة لإبراز غنى الموروث الثقافي الوطني المادي واللامادي    الدار البيضاء.. افتتاح معرض تشكيلي جماعي بعنوان : «التنوع المختزل في الريشة الإبداعية»    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    تفاصيل اعتداء على بوليسي فأصيلة.. وقف بزناس روشيشي فبراج وخوه غفلو وضربو بجنوية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بعد أمطار غير مسبوقة    رونالدو يكسب يوفنتوس في ملف تحكيم    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    توقيف شخص متورط في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بطنجة    ندوة فاشلة ديال البوليساريو دارتها للتضامن العربي معاها ونظام العسكر جاب ليهم سوداني ساكن فإسطنبول    الدائرة الانتخابية فاس الجنوبية اللي معروفة ب"دائرة الموت".. 8 دالمرشحين كيتنافسو وعينهم على المقعد البرلماني لي كان عند البوصيري(صور)    البنك الدولي .. التوترات والمديونية تزيد ضبابية مستقبل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    النفط يستقر بعد انخفاض حاد بسبب مخاوف إزاء الطلب والتوتر بالشرق الأوسط    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    إحباط محاولة تهريب 116 ألفا و605 أقراص مهلوسة إلى داخل التراب الوطني    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    أما ‬حان ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬أن ‬ينهي ‬هذا ‬المسلسل ‬؟    تطوان: شركة طيران عالمية تفتتح قاعدة جوية بمطار سانية الرمل    تحذيرات من الأونروا "بإحكام المجاعة قبضتها" على قطاع غزة ووفاة الأطفال جراء سوء التغذية    هاتريك رحيمي في مرمى الهلال السعودي يقرب العين الإماراتي من نهائي أبطال آسيا    الحكومة ‬المغربية ‬تؤكد مآل ‬تجديد ‬اتفاقية ‬الصيد ‬البحري    استطلاع: الأسرة المغربية غير قادرة على حماية أطفالها من مخاطر "التواصل الاجتماعي"    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    ما العلاقة التي تربط المغربية كريمة غيث بنجم الزمالك المصري؟    نور الدين مفتاح يكتب: سوريالية بالفرنساوية    موهبة كروية جديدة تُشغل الصراع بين المغرب والجزائر    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة    الأمم المتحدة.. بمجلس الأمن سجال محتدم بين هلال ووزير الخارجية الجزائري بشأن البحر المتوسط    بلاغ جديد وهام من وزير الداخلية    تحداو ظروف الحرب وخرجو يبدلو الجو.. مئات الفلسطنيين قصدو البحر فغزة باش يستمتعو بالما والشمش (فيديو)        ملف "انفصال القبايل" عن الجزائر يصل الأمم المتحدة!    نشرة الأخبار: رقم قياسي في الملل    حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    المغرب يحتضن فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في نسختها الثانية    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشاد بالإنصاف والمصالحة واسترجاعها الثقة وتقويتها بحكم القانون واحترام حقوق الإنسان
نشر في اليوم 24 يوم 16 - 12 - 2019

تقرير الخمسينية، هو واحد من تقارير اللجان الاستشارية الملكية، الذي توقع بعضا من الصعوبات التي يعيشهاالمغرب حاليا، ففي خطاب 20 غشت 2003، طلب الملك محمد السادس الوقوف “وقفة لتقييم الخطوات التي اتخذهاالمغرب على مدى نصف قرن في التنمية البشرية، من خلال تقييم النجاحات، والصعوبات والطموحات، وكذا التعلم منالخيارات التي قام بها“. كما يعتبر تشخيصا شاملا عن خمسين سنة، قامت به اللجنة الاستشارية التي قاد عملهاالراحل عبدالعزيز مزيان بلفقيه، المستشار الملكي السابق، حيث أنجزت تقريرا في 4500 صفحة بمشاركة حوالي100 خبير مغربي، ضم معطيات وتوقعات عما سيعيشه المغرب لغاية سنة 2025.
يتضمن تقرير الخمسينية قراءة لسنوات مضت من تاريخ المغرب، بكل ما تحمله من إنجازات وإخفاقات وإكراهاتوتوقعات، فهو تقرير “بؤر المستقبل“، كما كان يطلق عليه منسق التقرير مزيان بلفقيه، خلص إلى أن البؤر المشارإليها تشكل منظومة متماسكة ومتكاملة، وأي قصور في إحداها يؤدي إلى خلل في التنمية البشرية والاقتصادية،وإلى تعثر في إقامة دولة الحق والقانون، لأن تحقيق التنمية البشرية الشاملة في بلد ما، يتوقف على وجود ممارسةديمقراطية وتعددية سياسية وفكرية وحرية في التعبير واحترام حقوق الإنسان في مختلف أبعادها.
ويتضمن تقرير الخمسينية، تطور الإمكانات البشرية، والتغيرات الاجتماعية والدينامية الثقافية. وفي هذا السياق،تمت الإشارة إلى مجموعة من المعطيات المتعلقة بتاريخ وجغرافية المغرب وساكنته، وأيضا التحولات التي عرفها المغربالمعاصر على مختلف المستويات، والتي يعتبرها التقرير تحولات عميقة. كما يبرز التقرير عينه، قوة الشخصيةالمغربية من خلال قدرتها على الحفاظ على استمرارية كل تنظيمها السياسي وملامحها الثقافية، هذا فضلا عن غنىالشخصية المغربية من خلال مكوناتها المتباينة، حيث تم الوقوف على تطور الساكنة المغربية منذ الاستقلالوخصائص الانتقال الديمغرافي وانعكاساته على بنية الأعمار. وبخصوص التحولات الاجتماعية التي عرفها مغربالاستقلال، فإن التقرير يشير إلى أن المجتمع المغربي في طور التمدين، وبنيته الأسرية شهدت عدة تغييرات، وهناكمساهمة نسائية فعالة، إلا أن المجتمع المغربي لازال مترددا إزاء الحداثة.
كما أن التقرير، يشير إلى تغير أنماط العيش لدى المغاربة، فمثلا، من زاوية الاستهلاك العام للأسر، سُجل حصولتحسن في مستوى نفقات كل فرد. وتعتبر الأسرة المحور الأساسي في التحولات التي شهدها مغرب الاستقلال، وقدمست التحولات بنيتها والعلاقة بين أفرادها على السواء، الأمر الذي كان له تأثير على تمركز السلطة في يد الأب. كماتم التنبيه في هذا السياق، إلى أن التضامن والتماسك الأسري الذي يعيشه المغاربة، قد يتعرض للتلاشي فيالمستقبل، خاصة مع الفردانية التي صارت تبرز في العلاقات الأسرية وخروج المرأة إلى العمل، وانعكاسات ذلك علىالأسرة، كما أن الارتفاع التصاعدي للعزوبة له تأثير على السلوك الزوجي للمغاربة.
ويتطرق التقرير الخمسيني إلى التطور المؤسساتي والسياسي، الذي عرفه المغرب منذ الاستقلال، ففي بدايةالتسعينيات عرف المغرب نوعا من الانفتاح السياسي متجاوزا بذلك خصومات الماضي، وصار التركيز على التنميةالبشرية. كما تم الوقوف على المراحل الأولى من استقلال المغرب، حيث واجهت البلاد مجموعة من التحديات الصعبةوالمتشعبة، لعل أبرزها استكمال الوحدة الترابية وبناء الديمقراطية وتحديد نموذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية،لكن هذه التحديات لم تجد إجابات إلا من خلال مرجعيات ومصالح سياسية متباينة، مما أدى إلى مجموعة منالخلافات بين عدة أطراف وحدوث عدة انشقاقات وبروز تشكيلات سياسية جديدة.
ويعتبر تقرير اللجنة الاستشارية، الذي أشرف عليه بلفقيه، أن استكمال الوحدة الترابية للمملكة أولوية لدى أغلبالقوى السياسية، وقد كان هناك اختلاف متباين في الطريقة التي سيتم بها استكمال الوحدة الترابية، خاصة معبروز عناصر اختارت مواصلة الكفاح المسلح، لكن رغم كل هذا، فقد استطاع المغرب ضمان التنظيم الإداري للترابالوطني، وتحقيق الاستقرار السياسي. وفي سنة 1960 تم تنظيم أول انتخابات في تاريخ المملكة بالاقتراعالمباشر، وتم إصدار أول دستور سنة 1962، وقد اختار المغرب نظام الملكية الديمقراطية والاجتماعية وتم تحديدمجموعة من الثوابت الدستورية، وقد عرف الدستور المغربي عدة مراجعات سمحت بإحراز توافق أوسع حول الثوابتالمؤسساتية للبلاد.
ويعتبر تقرير بلفقيه، أن المغرب تمكن من تحقيق اجتماع واسع حول المؤسسات وحول الاختيارات الأساسية للبلاد،خاصة وأن الملكية عرفت كيف تتخذ المبادرات الملائمة والسديدة، هذا ما يتضح من خلال تجاوز التوترات والتقدم نحومستقبل يسوده الاعتدال رغم كل التشنجات السياسية التي عرفتها المملكة، والتي كانت عنيفة في مجموعة منالأحيان. كما يؤكد التقرير على أن دخول المغرب في التناوب الحكومي سنة 1998، يعتبر مرحلة أساسية في المسارالديمقراطي للبلاد. كما وقف تقرير اللجنة الاستشارية، على دور الأحزاب في البناء الديمقراطي للبلاد. ولتجاوزمكامن النقص في الممارسة الحزبية تم إصدار قانون الأحزاب سنة 2005، كما تعرض التقرير إلى بعض الشوائبالتي تمس الممارسة الحزبية.
تقرير مزيان بلفقيه سيشيد، أيضا، بأهم القرارات الشجاعة التي اتخذها المغرب، وهي إحداث هيئة الإنصافوالمصالحة من أجل طي صفحات الماضي الأليم، وكذلك، إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 1990 وإحداث وزارة حقوق الإنسان سنة 1990، فكل هذه الاختيارات جاءت بالنسبة إليه لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان. كما يسجل التقرير التقدم الإيجابي الذي عرفته حقوق المرأة، وأيضا حرية التعبير والصحافة، خاصة وأن المغربشهد فترات من الرقابة الصارمة ومنع الصحف والمحاكمات، مشيرا، أيضا، إلى خيار اللامركزية والجهوية، رغم كلصعوبات وعوائق التدبير الإداري للمجال الترابي، وذلك ما يتضح من خلال السيرورة البطيئة وغير المتجانسة التيعرفها اللاتمركز، الأمر عينه عرفه القضاء من أجل تشييد دولة الحق والقانون، لكن تبقى شفافية التدبير العموميومحاربة الرشوة رافعتين أساسيتين للحكامة الجيدة، هذه الأخيرة لازالت تبحث عن ذاتها حسب التقرير، خاصة أمامالاختيارات غير المستقرة، أحيانا، للسياسات العمومية، مما يجعل المواطنين في حاجة أكثر إلى المزيد من الثقة.
هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أشاد بدورها تقرير بلفقيه، تم استقبال رئيسها وأعضائها من طرف الملك محمدالسادس، بمدينة أكادير بتاريخ 7 يناير 2004، وكان الخطاب الملكي الذي ألقي بمناسبة هذا التنصيب، سنداملكيا مرجعيا موجها لأعمال الهيئة، باعتبارها لجنة وطنية للحقيقة والإنصاف والمصالحة.
أنشئت هذه اللجنة بناء على القرار الملكي بالموافقة على توصية صادرة من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان،وعلى الظهير الشريف المتضمن للنظام الأساسي للهيئة الصادر في 12 أبريل 2004، ذات اختصاصات غيرقضائية في مجال تسوية ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. من مهامها البحث والتحري والتقييموالتحكيم والاقتراح.
وشمل اختصاصها الزمني الفترة الممتدة من أوائل الاستقلال 1956، إلى تاريخ المصادقة الملكية على إحداث هيئةالتحكيم المستقلة للتعويض 1999. أما الاختصاص النوعي، فيشمل أكثر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسانالتي اتسمت بالطابع الممنهج أو الكثيف. علما بأن اختصاص التحري والكشف عن الحقيقة يخول الهيئة التحقق مننوعية ومدى جسامة الانتهاكات الماضية لحقوق الإنسان.
ووفقا للمنظور الملكي، فقد باشرت هيئة الإنصاف والمصالحة، في إطار اختصاصات حصرية تمثلت، أساسا، فيالكشف عن الحقيقة، وإثبات نوعية ومدى جسامة الانتهاكات الماضية لحقوق الإنسان، وإجراء التحريات، وتلقيالإفادات، والإطلاع على الأرشيفات الرسمية، واستقاء المعلومات والمعطيات التي توفرها أي جهة، لفائدة الكشف عنالحقيقة. ومواصلة البحث بشأن حالات الاختفاء القسري التي لم يعرف مصيرها بعد، وبذلها كل الجهود للتحريبشأن الوقائع التي لم يتم استجلاؤها، وفي مقدمة ذلك، الكشف عن مصير المختفين، مع إيجاد الحلول الملائمةبالنسبة لمن ثبتت وفاتهم، والوقوف على مسؤوليات أجهزة الدولة أو أي طرف آخر في الانتهاكات والوقائع موضوعالتحريات، وتضمين التقرير النهائي خلاصات الأبحاث والتحريات، والتحاليل التي أجريت بشأن الانتهاكاتوسياقاتها.
هيئة الإنصاف والمصالحة التي تأسست بقرار ملكي، كان من أبرز مهامها، جبر الأضرار من حيث التعويض الماديوإعادة التأهيل والإدماج والاسترداد، ورد الاعتبار، وكل أشكال جبر الضرر الملائمة حسب التحريات والأبحاث فينطاق الكشف عن الحقيقة.
وكان من أبرز توصياتها، هو التشديد على تكريس ضمانات الوقاية وعدم التكرار، من خلال تضمين تقريرها النهائي،كوثيقة رسمية للهيئة، التوصيات والمقترحات الكفيلة بحفظ الذاكرة، وبضمان عدم تكرار ما جرى ومحو آثارالانتهاكات، واسترجاع الثقة وتقويتها في حكم القانون واحترام حقوق الإنسان. والمساهمة، أيضا، في تنمية وإثراءثقافة وسلوك الحوار، وإرساء مقومات المصالحة، دعما للتحول الديمقراطي لبلادنا، وبناء دولة الحق والقانون،وإشاعة قيم وثقافة المواطنة وحقوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.