يبدو أن علماء الدولة مصممون على تقويم عمل المجالس العلمية محليا وجهويا بدليل عملي وتوجيهي جديد، وهي الخطوة التي كشف عنها محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، حين أعلن عن اعتزام علماء المملكة إطلاق دينامية جديدة من العمل من قلب مجالسهم العلمية المحلية، تكون أكثر سرعة لتستدرك مؤسسة العلماء ما فاتها، معلنا أن هذه الخطوة سيتم الاستعانة فيها بالأئمة والمرشدات خريجي وخريجات معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات. وقال يسف في اجتماع الدورة الخريفية العادية 28 للمجلس العلمي الأعلى، إن العلماء تدارسوا حصيلة ما قدمه المجلس العلمي الأعلى منذ انطلاقه قبل 16 سنة، داعيا إلى استحضار العلماء لهذا الأثر الدعوي على الإنسان المغربي، معترفا بأن أثر عمل المجالس العلمية لم يصل إلى مبتغاه. وشدد يسف على أن العالم الحقيقي هو من جعل نفسه لخدمة أمته وجمع شملها، مشددا على ما تتوفر عليه المجالس العلمية المحلية من ثروة بشرية متخرجة من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، وهو ما لا يتوفر للعديد من التنظيمات. وقال الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى إنه بهذه الموارد البشرية المكونة وفق الثوابت الدينية المغربية يمكن إحداث صحوة كبيرة، داعيا إلى استثمارها لأنها طاقات شابة في أوج العطاء. إلى ذلك، تدارس لقاء العلماء في لجنة خاصة، دور المرشدين والمرشدات، وإمكانية تقوية حضورهم وتوثيقه بالمذكرات والقوانين التي تؤطر عملهم. كما انصبت أشغال لجان المجلس خلال هذه الدورة على دراسة قضايا تتصل بالأساس بحصيلة نشاط المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية في العام الفارط، وتنفيذ توصيات اللجان المتخصصة التابعة للمجلس واقتراحاتها، والعمل على تفعيل توجهاتها داخل المجلس العلمية المحلية. وأقر الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، بأن مهمة المجالس العلمية المحلية ودور شيوخها لا يزالان في حاجة إلى فهم، داعيا علماء العالم إلى أن يكونوا في قلب المجتمع ويتملكوا الوعي الحقيقي بمسؤولياتهم تجاه أمتهم، ويسخروا أوقاتهم وقلوبهم لخدمة الأمة ورفاهيتها. وشدد يسف في كلمته التي حضرها أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، على أهمية الثروة البشرية التي توضع رهن إشارة المجالس العلمية المحلية ممثلة في خريجي وخريجات معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، مؤكدا أنه بإمكان المجالس العلمية أن تحقق المعجزات العلمية والإصلاحية إذا ما تم استثمار هؤلاء الشباب بالشكل المطلوب. وأشاد يسف بالمجهودات العلمية في التأليف التي يقودها العلماء، منوها في هذا السياق في كلمته بأن صدور الترجمة الإنجليزية لكتاب “الموطأ” للإمام مالك ضمن منشورات جامعة “هارفارد” الأمريكية جاء بعد ما حققه سنة 2004 المجلس العلمي الأعلى، بتعليمات من الملك محمد السادس الذي أمر بترجمته إلى اللغة الإنجليزية، معتبرا تحقيق “الموطأ” الذي جعل من الغرب الإسلامي، بأندلسه ومغربه الكبير، محمية مالكية خالصة، ورسالة مغربية حضارية، لبناء الجسور بين الثقافات بين الإسلام والغرب. وهو اللقاء العلمي الذي عكف على دراسة حصيلة نشاط المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية في العام الماضي، وتدارس أيضا مدى تنفيذ توصيات اللجان المتخصصة التابعة للمجلس واقتراحاتها. كما تدارس العلماء في دورتهم الخريفية، تقويم عمل المجالس العلمية محليا وجهويا، وفق دليل عملي وتوجيهي جديد، وقرروا إعادة النظر في تجربة الاستعانة بالأئمة والمرشدات خريجي وخريجات معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، والاستفادة منها بشكل أكبر.