لم يترك لنا محترفو السياسة في هذا البلد أي مفهوم دون أن يتلاعبوا به. «الوضعية الصعبة»، بصفته مفهومااقتصاديا، جرت بعثرته بشكل مدهش، عندما استخدمه «مفكر» لتوصيف الحالة المادية لرئيس الحكومة السابق،عبد الإله بنكيران. ولقد صادق مصطفى الرميد، دون أن يرف له جفن، على هذا التوصيف. المشكلة ليست في هذا الإعلان السخيف عن وضعية مادية لرئيس حكومة سابق، ولكن في التأويل الضمني الذييربط بين جفاف موارد رئيس حكومة أحيل على «تقاعد قسري»، وبين وجود ترتيبات لمعاقبته. عبد الصمد بلكبير، وهو صديق حميم لبنكيران، لديه ميل واضح باستمرار إلى تهويل الأشياء البسيطة، وقد فعلها يومأعلن بغضب وجود بنكيران رهن تدابير الإقامة الجبرية في منزله. لكن الناس لا يهتمون بالتفاصيل العشوائية التييسوقها بلكبير وهو يتحدث عن صديقه، بقدر ما ينتبهون إلى الصورة العامة؛ صورة رجل دولة يجري الاستهزاء بهوتحويله إلى موضوع مثير للشفقة. من الصعب تصديق تحول رئيس حكومة إلى شخص في «وضعية صعبة» ماديا، لأن قوانين البلد صُمّمت لمنع حدوثذلك، غير أننا نشعر بأن كل هذه الجلبة صُنعت لإحداث أثر سياسي داخل حزب العدالة والتنمية، وليس في مكانآخر. لدى بنكيران تصميم على العودة إلى الحزب، ويبدو أن زملاءه في «البيجيدي» ليست لديهم رغبة في الموافقةعلى ذلك، لذلك، تدور معركة الإحراج الكبيرة هذه. وهذه المعركة وحدها التي تستحق وصف «الوضعية الصعبة».6