أسابيع قليلة بعد دخول مضامين المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 حيز التنفيذ، التي تقضي بعدم إمكانية خضوع أموال، وممتلكات الدولة، والجماعات الترابية، ومجموعاتها للحجز طبقا لأحكام قضائية، أصدرت المحكمة الإدارية بمراكش حكما بالحجز على جزء من أموال جماعة ابن جرير. وفي القضية التي رفعها أحد المواطنين جماعة ابن جرير لتحصيل ما يقارب 22 مليون من الجماعة، دفعت الجماعة بعدم إمكانية الحجز على ممتلكاتها، مستندة على مضامين المادة 9 من قانون المالية، بعلة أن أموال، وممتلكات الدولة والجماعات الترابية، ومجموعاتها لا تقبل الحجز، وهو الدفع، الذي اعتبرته المحكمة غير ذي أثر. كما قالت محكمة مراكش إن قاعدة عدم جواز الحجز على الأموال العمومية تجد مجال تطبيقها في الحالة، التي يؤدي فيها الحجز إلى عرقلة السير العادي للمرفق العمومي، على أساس أن المبالغ المحجوزة مرصودة لنفقات محددة، وعليها تتوقف استمراريته في أداء خدماته، وأيضا من منطق أن أشخاص القانون العام يفترض فيه ملاءة الذمة، ولا يخشى عسرها، وتنفيذ الأحكام الصادرة ضدها تجسيدا لمبدأ المشروعية، واحترام قوة الشيء المقضي به، وأنه في حالة الامتناع عن التنفيذ دون مبرر، يجعل إجراء الحجز مبررا، وسليما. وعلى الرغم من إقرار المادة 9 من قانون المالية 2020، ومرورها من غرفتي البرلمان، إلا أنها لا تزال تثير جدلا حقوقيا، وصل إلى مستوى المؤسسات الدستورية المعنية بحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، سبق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أن اعتبر أن المادة 9 من مشروع قانون المالية 2020، تمس بحق المواطنين في مقاضاة الإدارة، ومنع تنفيذ الأحكام القضائية مس بالمحاكمة العادلة. يشار إلى أن مقتضيات المادة 9 من قانون مالية 2020 تمنع تنفيذ أحكام الحجز ضد الدولة، والجماعات الترابية. والمادة 9 من قانون مالية 2020، المثيرة للجدل، جرت غضب القضاة، والمحامين، والحقوقيين، ووصل الجدل حولها إلى المجلس الحكومي، حيث كانت قد اندلعت مشادة كلامية حادة بين وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، مصطفى الرميد، ووزير الداخلية، عبد الوافي الفتيت.