هناك مخرجان آخران يمكن اللجوء إلى أحدهما، يقترحهما عزيز إدامين، الخبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان، لاعتبارين أساسيين: الأول، أن قضية الصحافي توفيق بوعشرين أصبحت قضية دولية بموجب تقرير فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي، الذي خلص في رأيه حول إجراءات ومساطر اعتقال بوعشرين، إلى أنها مساطر شابتها مجموعة من الخروقات، وقد خلص إلى القول بأن الاعتقال التعسفي ثابت في حق بوعشرين، وبالتالي، فقد طالب الفريق الأممي الدولة المغربية بإطلاق سراحه”. الاعتبار الثاني في رأي إدامين، أن “هناك شبه إجماع تحقق لدى المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية بكون اعتقال بوعشرين هو اعتقال انتقامي، وأن تهمة الاتجار بالبشر التي يُتابع بها غير واقعية”. كلا الاعتبارين يدفعان، في نظر إدامين، إلى البحث عن مخرج. وتابع المتحدث قائلا: “أعتقد اليوم، أن المغرب ملزم بأن يذهب في اتجاه تصحيح الأخطاء التي ارتكبت في مسطرة الاعتقال، بل هو ملزم بمراجعات على مستوى التكييف القانوني للتهم الموجهة لبوعشرين، ولن يتم ذلك إلا بإطلاق سراحه أولا”. وللوصول إلى هذا الهدف هناك طريقان لذلك، يؤكد إدامين أنه “مادمنا أمام حكم نهائي، فإن السيناريوهات المقبلة لن تخرج عن أحد الخيارين: الأول، إصدار عفو ملكي، على اعتبار أنه اختصاص حصري للملك؛ أما الحل الثاني، فهو موجود على مستوى محكمة النقض، خصوصا وأن محكمة النقض هي قضاء قانون وليس قضاء موضوع، لكن هذا الحل منوط باجتهاد هيئة دفاع بوعشرين لإقناع القضاة من الدرجة الثالثة، بكون متابعة بوعشرين بمقتضى قانون الاتجار بالبشر هي متابعة غير ذات موضوع، وأن المحاكمة لم تراع شروط المحاكمة العادلة وفق تقارير المنظمات الحقوقية”. إدامين أشار في هذا الصدد إلى قرار محكمة النقض الرافض لمتابعة معتقلي اكديم إزيك بالقانون العسكري، ما فتح الباب أمام إعادة محاكمتهم بالقانون المدني، وقد تزامن ذلك مع مراجعة قانون العدل العسكري”. ما يقتضي الذهاب في تبني أحد الحلين، في نظر إدامين، يعود، من جهة أولى، إلى أن “قضية بوعشرين ورطت الدولة في مطب كبير، فالدولة التي تقدم نفسها باعتبارها تتعاطى إيجابا مع هيئات الأممالمتحدة، أمامها اليوم تقرير صادر عن إجراء أممي خاص له قوته القانونية داخل المحفل الدولي لحقوق الإنسان، نظرا إلى ذلك، فإن المغرب مطالبٌ بأن يقدم في كل مرة أجوبة مقنعة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، حول عدم تفاعله الإيجابي مع رأي الفريق الأممي المكلف بالاعتقال التعسفي”. كما يعود، من جهة ثانية، إلى أن “المغرب مقبل على وضع تقريره الوطني أمام لجنة حقوق الإنسان المعنية بمتابعة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، خصوصا وأن العهد الدولي في مادته 14 ينص على شروط المحاكمة العادلة، وغالبا سيثير أعضاء اللجنة حالة توفيق بوعشرين”. وبناء عليه، يرى إدامين أن “الحل على المستوى الوطني يجب أن يكون في أسرع وقت ممكن، من خلال إطلاق سراح بوعشرين أولا، وبعدها إما أن يطوى الملف نهائيا، أو أن تجري إعادة محاكمته وفق شروط وضمانات المحاكمة العادلة”، لأن “الحل الوطني سيجنب المغرب الدخول في متاهات دولية أخرى، قد تُستغل من قبل خصوم الوحدة الترابية للتشكيك في النظام القضائي المغربي، لا سيما إذا علمنا أن الفريق المعني بالاعتقال التعسفي سبق وأن أصدر عددا كبيرا من الآراء المتعلقة بالمعتقلين الصحراويين”.