بالرغم من منعه من طرف مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، منذ ستة أشهر للاشتباه في احتوائه على مواد مسرطنة، عاد دواء “أسيداك ACIDAC” للظهور بشكل مفاجئ في قافلة طبية تهدف إلى تقديم خدمات صحية إلى مغاربة المناطق النائية من تنظيم المندوبية الإقليمية للصحة بسيدي قاسم بسبب “خطأ غير مقصود”. وبحسب الصور والوثائق التي توصلت بها “أخبار اليوم”، فإن دواء “أسيداك”، الذي جرى سحبه من طرف مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة في بلاغها المؤرخ ب25 شتنبر، لاحتوائه على مادة «الرانيتيدين»، التي تستعمل للتخفيف من آثار الإفرازات الحمضية على المعدة، والتي يشتبه في احتوائها على مواد خطيرة أو مسرطنة، وضع في مقدمة الأدوية المعروضة أمام المستفيدين من القافلة الطبية التي نظمت في جماعة سيدي محمد الشلح بإقليم سيدي قاسم بحضور عامل الإقليم ومدير المندوبية الإقليمية للصحة، في ال19 من شهر فبراير الماضي، وهو ما اعتبرته الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان “استهتارا في التعامل مع صحة المواطن”. الهيئة الديمقراطية المغربية، وفي بلاغ توصلت “أخبار اليوم” بنسخة منه، اتهمت وبشكل مباشر المندوبية الإقليمية للصحة، ب”الاستخفاف بحياة المواطنين”، محملة إياها المسؤولية الكاملة في حالة ظهور أي تأثير للدواء على آلاف المواطنين المستفيدين من القافلة الطبية. وطالب المكتب التنفيذي للهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان، وزير الصحة خالد أيت الطالب بالتدخل العاجل، وفتح تحقيق فوري. من جانبها، نفت عنها المديرية الإقليمية للصحة تهمة “الاستهتار بحياة المواطنين وتعريضهم للخطر”، مشيرة إلى أن الدواء الممنوع لم يقدم أبدا للمواطنين المستفيدين من هذه القافلة الطبية بإقليم سيدي قاسم، جماعة سيدي محمد الشلح. محمد كسوس، المدير الإقليمي للصحة وفي تصريحه ل”أخبار اليوم”، أكد على أن دواء “أسيداك” لم يستعمل أبدا في هذه القافلة الطبية، بل أخذ من مستودع الصيدلية التابعة للمديرية، وجرى وضعه على طاولة الأدوية المعروضة عن “طريق الخطأ”. ولتأكيد كلامه، قدم كسوس ل”أخبار اليوم” لائحة الأدوية التي جرى توزيعها على الأطباء المشاركين في القافلة التضامنية والتي يعود تاريخها لشهر فبراير الماضي، فيما “لم تكن تضم اسم ‘أسيداك' أي الدواء الممنوع، وهو ما يسقط عن المديرية تهمة خرق قرارات الوزارة الوصية”، على حد تعبيره. الدليل الثاني الذي قدمه المسؤول في وزارة الصحة ل”أخبار اليوم”، هو الوصفات الطبية التي قدمت لأزيد من 2609 من المرضى المستفيدين في الإقليم، والتي لم تحتو اسم هذا الدواء الذي لا يعتبر “محظورا فعليا” على حد تعبير الطبيب كسوس، الذي أوضح في معرض تصريحه أن القرار مرتبط “باحتمالية احتوائه لمواد مسرطنة، وهذا ما عبرت عنه مراسلة سابقة صادرة عن وزارة الصحة وجهت لمنتجي هذا الدواء، طلبت منهم وقف إنتاجه، إلى أن تظهر نتائج تحاليل تظهر في أمريكا بهذا الخصوص لتأكيد الشك”، مضيفا: “لكن هذا لا يعني أننا وزعناه أو وصفناه للمرضى، فالوزارة أوقفت فعليا التعامل بهذا الدواء”، يقول المتحدث. وبخصوص كيفية وسبب ظهور هذا الدواء الممنوع في القافلة الطبية التي نظمتها المديرية الإقليمية شهر فبراير الماضي، أوضح الدكتور كسوس أنه جرى سحب ما يقارب 26 علبة من الإقليم، مسجلة أساسا في ورقة مستودع الصيدلية التابعة لوزارة الصحة، وغير معروضة للاستعمال، من أحل إرجاعها إلى مخزن الوزارة، لكن أثناء نقل الدواء من أجل الحملة الطبية “حصل خطأ من طرف العمال وحملوا الصندوق الذي يحتوي أسيداك، كما جرى ترويجه فوق الطاولة في غفلة من المختصين، وفور الانتباه إلى الموضوع من طرف المديرية، وبعد حضور العامل، تم سحب الدواء فورا وإرجاعه إلى المخزن دون أن يوزع على المستفيدين من الحملة، بدليل أن 26 علبة المسجلة هي نفسها 26 علبة التي نتوفر عليها حاليا”. يذكر أن مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، كانت قد قررت سحب الأدوية المحتوية على المادة الفاعلة “رانيتيدين” إلى حين التأكد من سلامتها وخلوها من أي خطر، وذلك بناء على التقارير الصادرة من عدة وكالات أجنبية للدواء على غرار الإدارة الأمريكية للغداء والدواء «FDA» والوكالة الأوربية للأدوية «EMA» بخصوص الأدوية المحتوية على المادة الفعالة “رانيتيدين” المستعملة لتقليل إفراز الحمض في المعدة؛ إذ تبين إمكانية احتوائها على المادة الشائبة N-Nitrosodimethylamine «NDMA» بنسب قليلة.