بعد رحلة علاج امتدت لشهر وبضعة أيام بمراكش، غادر الممثل السينمائي الألماني “جاكوب بلوت” (35 سنة)، مساءالسبت المنصرم، مستشفى “الأنطاكي” بالحي العتيق “باب الخميس“، بعدما أكدت التحليلات المخبرية تعافيه تماما منفيروس “كورونا“، ولكن تجربة هذا الفنان، الذي تم تسجيل حالته من بين حالات الإصابة الأولى المؤكدة بالفيروس فيالمغرب، كانت فريدة في مواجهة “كوفيد-19″، فقد أكد مصدر طبي بأن الممثل الأجنبي فارع القامة رفض، ومنذ اللحظةالأولى التي أكد الكشف المخبري بأنه حامل للفيروس، تناول الأدوية المستعملة في العلاج، بما فيها “الكلوروكين” و“الهيدروكسي كلوروكين“، وأصرّ على أن يترك جهاز مناعته يقاوم وحده المرض، دون أن يفلح الطاقم الطبي في إقناعهبالتراجع عن هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، والتي عرفت خاتمة سعيدة، إذ غادر المستشفى بعدما أنهى فترة النقاهة،مرتديا زيا تقليديا مغربيا، عبارة عن “دراعية” وطاقية مراكشية، تحت تصفيق الطاقم الطبي والإداري، الذين تلقى منهمهدايا وورودا، قبل أن يتم نقله للإقامة مجانا بأحد الفنادق، الذي وضعه مالكه تحت تصرف السلطة المحلية، في انتظار أنيغادر إلى بلاده في الأيام القليلة القادمة. قصة الفنان الألماني في مواجهة “كورونا” في بلد يزوره لأول مرّة بدأت يوم السبت 14 مارس المنصرم، فقد حلّ مساءذلك اليوم بمطار “المنارة” الدولي، ووجد في استقباله سائق الشركة المنتجة للشريط السينمائي، الذي كان تم الشروعفي تصوير مشاهده الأولى في مراكش وأرفود، ليقله من هناك إلى فندق بقلب حي “كَليز“، إذ كان مفترضا أن يلتحق،صباح اليوم الموالي، بالطاقم الفني والتقني والإنتاجي، المشكل من حوالي 120 شخصا. وخلافا لعادته اليومية في الاستيقاظ مبكرا، لم يستطع بلوت النهوض من سرير غرفته بالفندق، صباح ذلك الأحد، وكانيشعر بإرهاق شديد وارتفاع في درجة الحرارة وسعال حاد، واضطر للاتصال بالموظفة المغربية المسؤولة في فريق الإنتاجمعتذرا عن إخلاله بموعد التصوير، لتضطر هذه الأخيرة إلى إشعار المصالح الصحية المختصة، التي تفاعلت بسرعةوكلفت سيارة إسعاف عمومية لنقل المواطن الأجنبي من الفندق إلى مستشفى “ابن زهر” بالحي العتيق “سيدي ميمون“. لحظات قليلة بعد وصوله إلى المستشفى المعروف لدى المراكشيين ب“المامونية“، أجرى الأطباء كشفا مخبريا للمواطنالأجنبي، بأخذ عينة من لعابه وإرسالها إلى مختبر التحليلات الطبية بمعهد “باستور” بالدار البيضاء، بعدما ارتابوا فيأن يكون حاملا للفيروس، الذي أكدت التحليلات الطبية، في اليوم الموالي، إصابته به، لتفتح المصالح الصحية المختصة،على إثر ذلك، تحقيقا وبائيا، أسفر عن وضع لائحة بأسماء الأشخاص من المخالطين المفترضين لهذه الحالة الجديدةالمؤكدة، وهي اللائحة التي اشتملت على شخص وحيد، والذي لم يكن سوى السائق الذي أقله إلى الفندق، والذي تبين بعدذلك بأن العدوى لم تنتقل إليه، في الوقت الذي تم تعليق مشاهد تصوير الفيلم، الذي تنتجه شركة ألمانية بتنسيق مع شركةإنتاج مغربية. وبعدما كان يعتزم تصوير مشاهد سينمائية، أصبح الفنان الألماني نفسه بطل قصة واقعية عاش خلالها رحلة علاجاستمرت 33 يوما تحت الحجر الصحي، بدأت بمستشفى “ابن زهر” وانتهت بفترة نقاهة بمستشفى “الأنطاكي“. تروي المسؤولة المغربية في فريق الإنتاج خلاصة رحلة علاج الفنان الألماني في مراكش قائلة: “لقد كان منذ البداية مؤمنابقدره. كان متفائلا إلى أقصى الحدود، أصرّ على أن يعيش رحلة العلاج بكل تفاصيلها في بلد كان متيقنا بأنه يفتقر إلىالتجهيزات والإمكانيات المتوفرة بموطنه. لقد كان مصرّا على أن يتقاسم الأكل والشرب مع باقي المرضى، لم يشتك ولميحتج يوما، ورفض أن يستفيد من أي امتياز أو أن يتم التعامل معه بأفضلية عن باقي المرضى، على أساس أنه نجمسينمائي أجنبي“، وتابعت بأن رحلة علاج هذا الفنان شكلت له تجربة إنسانية بامتياز، وتركت لديه انطباعا جيدا عنالمغرب والمغاربة، موضحة بأنه دوّن بصفحته على الفايسبوك خلاصة هذه التجربة، مثنيا على العناية الطبية والتعاملالإنساني الذي لقيه بمراكش، ومشيدا بالعديد من الأطباء والممرضين، الذين أصبحوا من بين أصدقائه الأحمّاء. من جهته، حذر مصدر طبي من أن يتم أخذ حالة الفنان الألماني في عدم تناول الدواء كنموذج يُقتدى به، مرجحا بأن يكونالنظام الغذائي الاستثنائي، الذي يتبعه منذ سنوات طويلة، أحد أسباب تغلبه على الفيروس دون تناول الأدوية، وموضحابأن الفنان كشف للأطباء بأنه لا يدخن ويتناول بكثرة الخضر والفواكه، وكان يقلل من تناول اللحوم، ولم يكن مدمنا علىالمشروبات الكحولية والغازية.