مواجهة صامتة تشهدها، هذه الأيام، بلدية ابن جرير بين مكتب المجلس والعديد من موظفي أحد أهم الأقسام الجماعية، على خلفية قرار صدر، مؤخرا، عن رئيس الجماعة، عبد العاطي بوشريط، باقتطاع أربعة أيام من أجور 11 موظفا بقسم التعمير، الذين كانوا أضربوا عن العمل في إطار انخراطهم في الإضرابات الوطنية التي كانت دعت إليها الهيئة الوطنية بالمغرب أيام 8، 15، 22، و29 من شهر يناير المنصرم، للتنديد ب”تدهور الأوضاع المادية والمهنية للتقنيين”، و”استمرار الحكومة في التمييز بين الموظفين في الحقوق والواجبات”. ولقد توصل التقنيون الجماعيون ال 11 برسائل مقتضبة من رئيس المجلس، أواخر مارس الفارط، يُشعرهم فيها باقتطاع أربعة أيام من أجورهم عن شهر يناير، معتبرا إضرابهم “تغيبا عن العمل بصفة غير مشروعة”، وموضحا أن هذا الاقتطاع تم بناءً على القانون رقم 12.81 المتعلق بالاقتطاع من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة. ولم تكد تمر سوى أيام قليلة على الاقتطاع، حتى عقد الرئيس اجتماعا ضمّ بعض نوابه ومدير المصالح الجماعية ورئيس قسم التعمير وموظف عن مصلحة الموارد البشرية، بالإضافة إلى معظم التقنيين المقتطع من أجورهم، وفيما اعتبر النائب الأول للرئيس، المفوض إليه مهام قطاع التعمير، قرار الاقتطاع “قانونيا”، انبرى النائب الثاني للرئيس، المفوض إليه مهام الشرطة الإدارية، مدافعا عن حق الموظفين في خوض الإضراب، باعتباره حقا مكفولا دستوريا، أما الرئيس، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، فقد أوضح أنه توصل من مصلحة الموارد البشرية بملفات متكاملة عن الاقتطاعات تحتوي على جميع الوثائق القانونية التي اطلع عليها، قبل أن يؤشر بالموافقة على قرارات الاقتطاع من الرواتب. في المقابل، تدخل بعض الموظفين معتبرين أن توقيت الاقتطاع لم يكن ملائما، خاصة في ظل الظرفية الحالية التي تمر منها البلاد، وهي تعبئ الجهود وتستنفر الطاقات من أجل مواجهة وباء “كورونا”، مشددين على أنه إذا لم يكن من الاقتطاع بُدٌّ، فمن باب أولى أن يطال الأجور الكاملة للموظفين الأشباح، الذين يتقاضون رواتبهم من المال العام دون أن يلتحقوا بعملهم في البلدية نفسها منذ سنوات طويلة، لا أن يقتصر الاقتطاع على موظفين مضربين عن العمل لأسباب مطلبية نقابية. ويعتبر بعض الموظفين أن قرار رئيس بلدية ابن جرير “غير قانوني”، ويعد “تعسفا من طرفه في استعمال حق الاقتطاع”، مستندين في ذلك على أحكام قضائية سابقة، قضت بعدم قانونية الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين عن العمل، معللة ذلك بأن حق الإضراب مضمون دستوريا، وبغياب نص قانوني صريح يسمح بالاقتطاع، فضلا عن أن الموظفين المضربين يمكنهم تدارك ما فاتهم من عمل بعد انتهاء الإضراب. هذا ويشتكي العديد من موظفي قسم التعمير ببلدية ابن جرير من غياب شروط السلامة والوقاية، موضحين أنه، وبعد مرور أكثر من أسبوعين على قرار إلزامية وضع الكمامات الواقية، لم يتوصلوا سوى بأربع كمامات لكل واحد منهم، طيلة تلك المدة، في الوقت الذي تشدد فيه معايير السلامة والوقاية على ضرورة تغيير الكمامات كل أربع ساعات، أما مواد التعقيم، التي خصصت لها البلدية، مؤخرا، اعتمادا ماليا وصل إلى 230 ألف درهم (23 مليون سنتيم)، فيقولون إنها كانت تسلم إليهم، حتى وقت قريب، في قنينات لا تحمل الاسم التجاري، ولا تاريخ انتهاء الصلاحية، قبل أن يقوم المسؤولون، خلال الأيام القليلة الماضية بإعطائهم موادا أخرى أحسن جودة. يشار إلى أنه سبق للقابض المحلي أن وجّه، في سنة 2018، رسالة إلى رئيس بلدية ابن جرير، يخبره فيها بأنه قرّر التوقف عن صرف وأداء نفقات الجماعة بشكل مؤقت، بسبب العجز في السيولة الذي تعيشه منذ شهر يوليوز من السنة المذكورة، مستثنيا من ذلك النفقات المتعلقة بأجور الموظفين وأداء المصاريف الإجبارية، إلى حين تحسن وضعية السيولة المالية. وأرجع القابض الأوضاع المالية المتردية للجماعة إلى “غياب استراتيجية مالية واضحة للمصالح المالية بالبلدية”، خاصّا بالذكر وكالة المداخيل ومصلحة النفقات، ناهيك عن تزايد الالتزامات المالية للبلدية، وقيامها بصرف المنح للأندية الرياضية والجمعيات، وأداء فواتير الماء والكهرباء في منتصف تلك السنة المالية، وأداء معظم النفقات الخاصة بتعويضات الموظفين. وكانت مصادر مطلعة كشفت ل”أخبار اليوم”، أن العجز المالي الذي تحدثت عنه رسالة القابض المحلي يتجاوز 400 مليون سنتيم، بعد أن قام رئيس المجلس بصرف تعويضات متراكمة عن الترقية في السلالم والرتب لفائدة موظفين، بعضهم يعتبرون في حكم الموظفين الأشباح، واستنادا إلى المصادر نفسها، فلم يكن رئيس المجلس السابق أحسن حالا من الرئيس الحالي، فقد كان يصرف تعويضات عن الساعات الإضافية للموظفين، بمن فيهم “الأشباح”. واتصلت الجريدة برئيس مجلس بلدية ابن جرير، زوال أمس الجمعة، غير أنه لم يرد، كما اتصلت بنائبه الأول، بيد أن هاتفه كان مشغولا.