إذا كانت الإجراءات الصحية والأمنية التي فرضتها حالة الطوارئ المعلنة في المغرب منذ النصف الثاني من مارس الماضي والمرتقب أن تنتهي في العاشر من الشهر الجاري، قد ساهمت في تراجع تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا صوب السواحل الإسبانية إلى مستويات غير مسبوقة منذ بروز هذه الظاهرة سنة 1988؛ فإن الرفع التدريجي للحجر الصحي أعاد تدريجيا نشاط "لحريك" إلى الواجهة في الأيام الأخيرة، لا سيما انطلاقا من السواحل الجنوبية للمملكة. إذ شهد ساحل طرفاية فاجعة غرق 7 مرشحين للهجرة غير النظامية ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء. في هذا الصدد، كشفت السلطات المحلیة بإقلیم طرفایة أنه جرى، صباح الاثنین الماضي، إحباط محاولة للھجرة السریة انطلاقا من الشریط الساحلي التابع لنفوذه الترابي، وضبط 40 مھاجرا غير نظامي ینحدرون من بلدان إفریقیا جنوب الصحراء، من ضمنھم 12 امرأة. وتابع المصدر ذاته أنه جرى، كذلك، العثور على 7 جثث لمواطنین أفارقة، من بینھم 5 نساء، لفظھا البحر بالمنطقة عينها. لكن لا يعرف إن كان الأمر يتعلق بغرقى ينتمون إلى المجموعة التي جرى ضبطها أم كانوا في قارب آخر. مع ذلك، تزعم منظمة "مشيا على الحدود"، المدافعة عن حقوق المهاجرين بين المغرب وإسبانيا"، أن القتلى الغرقى السبعة كانوا في نفس قارب مجموعة ال40 مهاجرا التي ضبطتها سلطات طرفاية. وتقول هذه المنظمة إن القارب كان على متنه 60 مهاجرا تقريبا، ضبط الأمن المغربي 40 منهم، فيما غرق 7 آخرين ( 5 منهم نساء)، فيما لازال 13 آخرين مفقودين. هيلينا مالينو، عضو رئيسة في المنظمة، وصفت الحادث ب" المأساة"، محذرة من أن "صوت مراقبة الهجرة لا يمكن أن يعلو على صوت الحق في الحياة". وبخصوص مصير المهاجرين الموقوفين، أوضح المصدر ذاته أنه جرى وضعهم رھن تدابیر العزل الصحي، في انتظار إخضاعھم للتحلیلات المخبریة للكشف عن فیروس كورونا (كوفید 19) من طرف المصالح الصحیة المختصة، في حین جرى إیداع الجثث السبع بمستودع الأموات بالمستشفى الجھوي بمدینة العیون. كما جرى فتح بحث من طرف السلطات المختصة تحت إشراف النیابة العامة، للكشف عن ظروف وملابسات ھذه القضیة. كما أنقذت وحدات خفر السواحل التابعة للبحرية الملكية، ما بين 29 يوليوز المنصرم وفاتح غشت الجاري 183 مرشحا للهجرة، من بينهم 12 امرأة وقاصران، كلهم ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء. وكان المرشحون للهجرة يواجهون صعوبات على متن قوارب تقليدية الصنع في عرض البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وفق ما أفاد به مصدر عسكري لوكالة المغرب العربي للأنباء. وأضاف المصدر ذاته أن الأشخاص الذين جرى إنقاذهم، والذين كان بعضهم في حالة صحية متدهورة، تلقوا الإسعافات الأولية الضرورية على متن وحدات خفر السواحل التابعة للبحرية الملكية، قبل أن يجري إيصالهم سالمين إلى عدد من موانئ المغرب ويتم تسليمهم للسلطات المحلية. في السياق عينه، تكشف آخر الأرقام والمعطيات الإسبانية أن تدفقات الهجرة غير النظامية صوب السواحل الإسبانية تراجعت بشكل ملحوظ في الشهور السبعة الأولى من السنة الجارية مقارنة مع الفترة عينها من السنة الماضية، إذ وصل ما بين فاتح يناير و31 يوليوز المنصرمين 10 ألف مهاجر إلى السواحل الإسبانية بنسبة تراجع بلغت 34.8 في المائة، مقارنة مع 15466 مهاجرا في الفترة عينها من السنة الماضية. ويبقى المعطى البارز هو الدور الكبير الذي لعبه الحجر الصحي وحالة الطوارئ في شل حركة الهجرة غير النظامية مؤقتا، برا وبحرا، إلى الثغرين المحتلين سبتة ومليلية. وتراجع، مثلا، عدد الواصلين بحرا إلى سبتة هذه السنة ب 75.8 في المائة، كما تراجع عدد الواصلين إليها برا ب68.7 في المائة. أما مدينة مليلية فتراجع عدد الواصلين إليها بحرا ب97.7 في المائة، وعدد الواصلين إليها برا ب51.3 في المائة. هكذا يصل عدد الواصلين برا إلى الثغرين معا إلى 54.6 في المائة في الشهور السبعة المنصرمة، مقارنة مع الفترة عينها من السنة الماضية. وبخصوص حالة الطوارئ التي امتدت في إسبانيا ما بين 14 مارس و21 يونيو المنصرمين، فتم تسجيل تراجع عدد الواصلين برا إلى سبتة ومليلية بنسبة 90 في المائة، مقارنة مع الفترة عينها من 2019. كما تراجع في هذه الفترة عدد الواصلين إلى إسبانيا، بحرا، بنسبة 34 في المائة.