بعد محاكمة استغرقت بالكاد ثلاثة أسابيع، قضت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش، ليلة الخميس الجمعة، بأربعة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها 3000 درهم ضد مصممة الأزياء والناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، سهام بادة، المشهورة بلقب "سلطانة"، كما أدانت رفيقتها "ب. ب" بعشرة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها 5000 درهم، بعدما تابعتهما النيابة العامة بجنح تتعلق ب"بث وتوزيع صور ومقاطع فيديو لأشخاص أثناء وجودهم بمكان خاص بقصد التشهير بهم والمس بحياتهم الخاصة"، وذلك على خلفية توقيف المتهمة"ب. ب" متلبسة بتصوير جلسة محاكمة المغنية دنيا باطما في قضية "حساب حمزة مون بيبي"، بتاريخ 21 يوليوز المنصرم، داخل القاعة رقم 5 بالمحكمة الابتدائية في مراكش. وقضت الغرفة ضدهما بأداء تعويض مالي تضامنا بينهما قيمته 50 ألف درهم (5 ملايين سنتيم) لفائدة المغنية باطما، التي انتصبت طرفا مدنيا في هذا الملف، بعدما تقدمت بشكاية أمام وكيل الملك لدى الابتدائية نفسها، ضد "سلطانة" ورفيقتها،تتهم فيها هذه الأخيرة بأنها صوّرت جلسة محاكمتها بواسطة هاتفها، متواطئة مع شخص آخر، قالت إنه قام ببثها عبر تقنية "المباشر" LIVE بموقع يوتيوب، وهو ما اعتبرته "تشهيرا بها وبشقيقتها" و"خرقا سافرا لحرمة المحكمة ولشروط المحاكمة العادلة"، مرفقة الشكاية بقرص مدمج قالت إنه يتضمن المقطع المصور من المحاكمة. وفيما تابعت النيابة العامة مصممة الأزياء "سلطانة" (43 سنة)، المقيمة بمراكش، في حالة سراح، بتهمة "المشاركة"، تقررت المتابعة في حالة اعتقال احتياطي في حق المتهمة الأخرى، البالغة من العمر 38 سنة، المنحدرة من إقليمأزيلال، والقاطنة بمنطقة "المحاميد" بمقاطعة "المنارة"، والتي أدخلتها "سلطانة" إلى قاعة الجلسات وأجلستها بجانبها لحضور محاكمة المتهمات في أحد ملفات حسابات التشهير "حمزة مون بيبي"، التي تعتبر مصممة الأزياء، المنحدرة من الرباط، أشهر ضحاياه، قبل أن تضبط شرطة الجلسات رفيقتها وهي تُجري مكالمة بصرية Appel Vidéo مع أحد الأشخاص، تنقله له فيها وقائع محاكمة المغنية وثلاث متهمات أخريات، بينهن شقيقتها الكبرى ابتسام. وقد تمكنت فرقة محاربة الجريمة الإلكترونية، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، باعتبارها الضابطة القضائية التي أجرت البحث التمهيدي في هذا الملف، من تحديد هوية صاحب القناة، التي بثت مقطعا مباشرا من المحاكمة، والذي أوضح محضر البحث التمهيدي بأنه غادر المغرب، بتاريخ 26 غشت 2019،عبر المركز الحدودي "بني نصار" بالناظور. واستمعت الضابطة القضائية، خلال مرحلة البحث التمهيدي، لرئيس الدائرة الأمنية رقم 20 بمنطقة "المحاميد" بمراكش، ومفتش شرطة بالدائرة نفسها، وذلك على خلفية التصريحات التمهيدية التي أدلت بها المتهمة المعتقلة احتياطيا، والتي أكدت فيها بأنها توجهت، صباح يوم توقيفها، إلى ابتدائية مراكش لحضور جلسة محاكمة المغنية باطما في قضية "حمزة مون بيبي"، التي تعتبر "سلطانة" من المشتكيات فيها، قبل أن تفجر مفاجأة من عيار ثقيل، موضحة بأنه، وبعدما مُنعت من ولوج للمحكمة، في إطار التدابير والإجراءات الأمنية المتخذة لمنع تفشي وباء "كورونا"، لجأت إلى خدمات مسؤول أمني قالت إنها اتصلت به من أجل التدخل للسماح لها بعبور الحاجز الأمني عند الباب الرئيس للمحكمة، مضيفة بأنه أرسل إليها رقم هاتف أحد رجال الأمن، الذي ساعدها على الدخول للمحكمة، قبل أن توجه رسالة نصية عبر تطبيق الواتساب إلى "سلطانة"، التي خرجت من قاعة الجلسات رقم 5 برفقة محاميها وأدخلتها لتجلس بجانبها. وقد قام المختبر الجهوي لتحليل الآثار الرقمية بتضمين تسجيلات كاميرات المراقبة بالمحكمة الابتدائية في قرص مدمج، قبل أن يفرّغه المحققون في محضر قانوني، لتظهر المتهمة الموقوفة في أحد مشاهده وهي تلج للمحكمة برفقة شرطي بالزي المدني، فيما وثق مشهدان آخران خروج "سلطانة" من قاعة الجلسات وإجراءها اتصالا هاتفيا،ثم عودتها، مجددا، إلى القاعة برفقة المتهمة المعتقلة. وكانت الجلسة الأولى من المحاكمة التأمت، بتاريخ 23 يوليوز الماضي، ساعات قليلة بعد انتهاء مسطرة تقديم المشتبه فيهما أمام النيابة العامة، ولم تستغرق سوى دقائق معدودة، إذ استجابت خلالها الغرفة لملتمس بالتأخير تقدم به محاميا المتهمتين لإعداد الدفاع، فيما رفضت، في آخرها، ملتمسا بمنح السراح المؤقت للمتهمة المتابعة في حالة اعتقال. وانعقدت الجلسة الثانية، صباح الخميس 6 غشت الجاري، وتقرر خلالها تأخير المحاكمة لأسبوع واحد، بناءً على ملتمس من دفاع المتهمة المعتقلة احتياطيا، واستدعاء شاهدة الإثبات الوحيدة في الملف للجلسة الثالثة، التي انطلقت، في حدود العاشرة من صباح الخميس الماضي. هذا، وكانت الضابطة القضائية خلصت إلى أن الأفعال المتعلقة ب"بث وتوزيع صور ومقاطع فيديو لأشخاص أثناء تواجدهم بمكان خاص بقصد التشهير بهم والمس بحياتهم الخاصة"، تبقى ثابتة في حق المشتبه فيهما، مستندة إلى معطيات، على رأسها حالة التلبس، وتصريحات الشاهدة، والخبرة التقنية المنجزة على هاتف المشتبه بها الموقوفة، والتي تأكد من خلالها إجراء مكالمة هاتفية بصرية مع صاح قناة على يوتيوب، الذي قام ببث لقطات مباشرة من أطوار الجلسة،كما تأكد وجود تواصل بينهما قبل ولوجها للمحكمة،وهو ما اعتبرته الاستنتاجات الأمنية إفادة على أنها اتفقت معه على تصوير الجلسة، فضلا عن حدوث تواصل سابق معه، وكذا مع صاحبة قناة أخرى على يوتيوب، كانت المشتبه بها تطلعهما فيها على تطورات قضية "حمزة مون بيبي"، واعترافها التلقائي بإجراء مكالمة بصرية مع صاحب القناة وتمكينه من متابعة الجلسة عبر كاميرا هاتفها المحمول. واعتبرت فرقة محاربة الجريمة الإلكترونية، في استنتاجاتها، بأن نفي المشتبه بها الأولى اتفاقها مع صاحب القناة أو مع "سلطانة" على التصوير، ليس سوى "ادعاءً باطلا،خاصة وأنها أجرت مكالمة مع الأول قبيل ولوجها للمحكمة، وتأكيدها بأنها من متابعات المشتبه فيها الثانية، التي أكدت بأنها هي من أدخلتها للقاعة وأجلستها بجانبها، وهو ما أكده تسجيل كاميرات المراقبة داخل المحكمة، التي وثقت، أيضا، حوارا قصيرا بين المشتبه فيهما بعد توقيف الأولى متلبسة بالتصوير".