طوال فسحة الصيف تقدم «أخبار اليوم» لقرائها ترجمة لكتاب: «المغرب.. الجار الغريب»، الذي أصدره باللغة الإسبانية خافيير أورتاثو، مدير وكالة الأنباء الإسبانية. في هذا الكتاب يطرح المؤلف عُصارة تجربته بالمغرب مع المواطنين والسلطة وباقي الفاعلين في جميع المجالات، مع التركيز بشكل قوي على تحليل المجتمع المغربي. حاول الكتاب تقديم المفارقات اليومية التي يعيشها المغاربة يوميا، وصولا إلى حكاية الانتقال الديمقراطي التي لا تنتهي أبدا في المغرب. الكتاب هو واحد من بين عشرات المؤلفات التي ألفها صحافيون أجانب عن مغرب محمد السادس، إذ يقدم قراءة مختلفة عن القراءات الأجنبية الأخرى أو حتى عند بعض الصحافيين الإسبان، الذين كانوا إلى وقت قريب من المقربين من السلطة قبل أن ينقطع حبل الود. فجر انتحار القاصر أمينة العديد من المشكلات في توقيت واحد: زواج القاصرات، الإفلات من العقاب، الحضور المخيف للشرف في العالم القروي المغربي المنسي في الغالب منطرف النخبة وغيرها... وخير دليل معبر عما سبق هو القانون الجنائي الذي جرى سنه سنة 1962، ست سنوات فقط، بعد استقلال المغرب، بحيث تعود جذوره إلى حقبة وعقليةمحافظة جدا. هذا القانون تتقدمه فصول تعاقب على الجرائم المفترضة ضد الملك والأسرة الملكية، والإرهاب، والتمرد، وأمن الدولة.. كما أن هناك 33 جريمة يعاقب عليها بالإعدام، رغمأن هذه العقوبة لم تنفذ منذ سنة 1993.. كما أن القانون الجنائي يضم العديد من الفصول والمواد المخصصة ل"حماية الأسرة وحفظ النظام العام"، والتي تضم، أيضا، فقرات مثلالدفاع عن "العادات الجيدة" ومحاربة "فساد الشباب". كما ينص القانون في 8 مواد على المعاقبة على "التسول والتشرد"، وحماية الإسلام في فقرة أخرى تسمى "انتهاك حريةالمعتقد"، والتي تضم عقوبات ضد الإفطار العلني في رمضان، مثلا. القانون الجنائي المعتمد يمس في الصميم الحريات، ثم إنه قانون أبوي ورجعي..، ثم أنه "يهتم أكثر بحماية شرف الأسر على حساب الوقاية من الاغتصاب والاعتداءات"، كما تذهبإلى ذلك عالمة الاجتماع حكيمة الفاسي الفهري. من جانبها، تدافع أسماء المرابط، أحد الوجوه البارزة في المغرب عما يسمى ب"النسوانية الإسلامية"، عن تصفية القانون الجنائيلأنه "مثقل ببقايا القانون النابوليوني"، الموروث عن استعمار ولّى منذ 1956، لكن ثقله لازال حاضرا في عقلية القانونيين الذين حرروا القانون الجنائي. في بعض الأحيان، ونظرا إلى اللغة الغامضة والمبهمة على نحو متعمد (مثلا، الحديث عن "الأفعال الفاحشة") والمتمثلة في كثير من المواد التي تجاوزها الزمن كالمعاقبة على الزنا؛يسمح القانون الجنائي بسلطة تقديرية واسعة. وهناك قوانين خاصة أخرى في القانون الجنائي عينه تعاقب نظريا على ممارسات يعرفها المجتمع يوميا مثل تناول الخمر أو تدخينالحشيش. وتجدر الإشارة إلى أن منع بيع "الخمور للمسلمين" منصوص عليه في قانون سُنّ سنة 1967، ومنذ ذلك الإبان وهذا القانون يُنتهك يوميا في الفنادق والمطاعم والمطاراتدون أي تكون تبعات عقابية على المخالفين، باستثناء المخالف الذي يكون ارتكب جريمة أخرى.. وماذا عن استهلاك الحشيش في بلد من أكثر منتجيه في العالم؟ تعود زراعة النبتة الهندية وتحويلها وبيعها واستهلاكها في المغرب إلى سنة 1954، لكن هذا لم يمنع من أن تقتات90 ألف أسرة في شمال المغرب من هذه الزراعة، ومن أن يكون الحشيش الأكثر استهلاكا من طرف الشباب (أكثر من الكحول) في كافة الأحياء الشعبية بالمغرب