طوال فسحة الصيف تقدم «أخبار اليوم» لقرائها ترجمة لكتاب: «المغرب.. الجار الغريب»، الذي أصدره باللغة الإسبانية خافيير أورتاثو، مدير وكالة الأنباء الإسبانية. في هذا الكتاب يطرح المؤلف عُصارة تجربته بالمغرب مع المواطنين والسلطة وباقي الفاعلين في جميع المجالات، مع التركيز بشكل قوي على تحليل المجتمع المغربي. حاول الكتاب تقديم المفارقات اليومية التي يعيشها المغاربة يوميا، وصولا إلى حكاية الانتقال الديمقراطي التي لا تنتهي أبدا في المغرب. الكتاب هو واحد من بين عشرات المؤلفات التي ألفها صحافيون أجانب عن مغرب محمد السادس، إذ يقدم قراءة مختلفة عن القراءات الأجنبية الأخرى أو حتى عند بعض الصحافيين الإسبان، الذين كانوا إلى وقت قريب من المقربين من السلطة قبل أن ينقطع حبل الود. ماذا عن استهلاك الحشيش في البلد الأكثر إنتاجا له في العالم؟ تعود زراعة النبتة الهندية وتحويلها وبيعها واستهلاكها في المغرب إلى سنة 1954، لكن هذا لم يمنع من أن تقتات90 ألف أسرة في شمال المملكة من هذه الزراعة، ومن أن يكون الحشيش المخدر الأكثر استهلاكا من طرف الشباب (أكثر من الكحول) في أي حي من الأحياء المغربية. المنطق في هذه الحالة لا يتغير: زراعة الحشيش كما استهلاكه يعاقب عليهما. أحيانا تتم المعاقبة، وفي أحايين أخرى لا. استمرار مثل هكذا قوانين في الترسانة المغربية يستجيب إلىمنطق واضح: إنه سلاح فعال لمراقبة المواطنين. الصحافي المغربي، علي المرابط، الذي مُنع من ممارسة الصحافة في المغرب لعشر سنوات، والذي كان يحاول إصدار صحيفة ساخرة،شرح هذا المنطق قائلا: "بما أنني لا أعاقر الخمر، ولا أستهلك المخدرات، وبما أنني لست زانيا، لم يجدوا أي شيء يختلقونه ضدي". وعليه، قالوا إنه لم يكن يقيم في المغرب، ورفضواتجديد شهادة سكناه. ولم تتنازل السلطات وتمنحه وثائقه الإدارية إلا بعدما دخل في إضراب عن الطعام. ما بين 2010 و2015، وعندما أتم القانون الجنائي 50 عاما منذ اعتماده، بدا جليا في مناسبات عدة أن هذا النص القانوني أصيح متجاوزا. كما أن حضور الإسلاميين فيالحكومة زاد من حدة الجدل حول الحاجة إلى إلغاء القوانين التي تجرم المثلية الجنسية، والزنا، والإجهاض، والإفطار العلني، وهي المواضيع التي تساهم دوما ودائما في الإشارةبأصابع الاتهام إلى المغرب في كل تقرير دولي حول وضع الحريات في العالم. لكن أي إصلاح للقانون الجنائي يكون مصيره الدخول في نقاشات اجتماعية وبرلمانيا لا نهاية لها حول التقاليد والخصوصية المغربية، والتي تعرقل أي تقدم في هذا المجال. فيالمقابل، أُدْخِلت في سنة 2015، بسرعة، تعديلات على قانون محاربة الإرهاب، بحيث استغرق الأمر بضعة شهور فقط، من أجل مواجهة ظاهرة ما يسمى الجهاد وسفر مئات الشبابللقتال في سوريا والعراق (في صفوف الجماعات الإرهابية). هذه التعديلات اتخذت منعطفا قمعيا، بحيث شددت العقوبات، كما سهلت عملية التنصت على المكالمات، وتفتيش المنازل،والحبس الانفرادي. كل هذا ساهم في امتلاء السجون بالمعتقلين السلفيين (نحو 900 سجين في أوائل 2016)، والذين حوكموا في مناسبات عدة دون أي دليل آخر، باستثناء ما جاءفي محاضر الشرطة التي لم يقرؤوها، كما يندد بذلك، وبدون جدوى، دفاعهم الرئيس، خليل الإدريسي. وبينما يمضي التشريع الجديد بخصوص محاربة الإرهاب قدما إلى الأمام وسط إجماع سياسي جرى التوصل إليه بواسطة نوع من الهوس الذي تغذيه الدولة حول التهديدالإرهابي، في ظل التفكيك المستمر للخلايا الجهادية كل أسبوع تقريبا؛ لَازَالَ إصلاح القانون الجنائي لم ير النور بعد. وتجنبا لاتهامها بالجمود، أَعَدَّت الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، إصلاح النص الجنائي بهدف المصادقة عليه قبل انتهاء ولايتها التشريعية الأولى، لكن عندما خرجت تلكالتعديلات إلى العلن، كانت صادمة: لم تُحافظ فقط، على المعاقبة على الجرائم الأكثر إثارة للجدل، بل أكثر من ذلك شُدّدت الغرامات. في وزارة العدل أقروا بأن إصلاح القانون الجنائي يثير الجدل وأن الخيار الأكثر واقعية، هو المضي قدما إلى الأمام دون التطرق إلى المواضيع الأكثر جدلية، بمعنى، عدم التطرقللفصول والمواد المُضيِّقة على الحريات.