راج مؤخرا أن وزير البيئة والتنمية المستدامة وقع على قرار الموافقة البيئية لمشروع جرف رمال البحر بجماعة الساحل في إقليمالعرائش، وأن قرارا آخر في طريقه إلى الصدور، ويهم عودة نشاط جرف الرمال إلى سواحل مهدية بالقنيطرة. كيف تلقيتم في الجامعة والكونفدرالية هذا القرار؟ وكيف تنظرون كمهنيين إلى هذا النشاط؟ وما هي تأثيراته على الحياة البحرية والثروة السمكية؟ بداية، أشكركم على تطرقكم لموضوع جرف الرمال بشواطئ وسواحل منطقتي مهدية والعرائش، وهو موضوع بالغ الأهمية بالنسبة لنا كمهنيين ومستثمرين بقطاع الصيد البحري من جهة، وكممثلين منتخبين ومهمتنا الدستورية الأساسية هي الدفاع عن حقوق ومصلحة المهنيين العاملين بهذا القطاع الحيوي والاستراتيجي؛ أما بخصوص قرار الموافقة البيئية لمشروع جرف رمال البحر بجماعة الساحل إقليم في العرائش ومنطقة مهدية، وما يشكله من خطورة بالغة على البيئة البحرية، فقد تلقينا منذ البداية وباهتمام كبير المراجعات القانونية الجديدة التي تمت منذ 2015، والمتعلقة بصدور قانون المقالع رقم 27.13، الذي أطر نشاط الجرف ووضع ميكانيزمات متطورة للمتابعة والتدقيق وحماية المواقع البحرية، كما تلقينا أيضا قرار وزارة البيئة بإصدار الموافقة البيئية لمشروع جرف الرمال بجماعة الساحل بالعرائش، على أنه سوف يتم القطع مع أي تجاوزات محتملة، فنحن لا يمكن إلا أن نشجع جميع الأنشطة المهيكلة والقانونية، مع الالتزام التام بالتصدي لأية خروقات أو تجاوزات بخصوص هذا النشاط، وكما لا يخفى عليكم، وفيما يخص موقع مهدية، فإنّنا نتابع عن كثب دراسة التأثير على البيئة البحرية بهذه المنطقة، التي تعرضت سابقا لاستنزاف وتدمير شامل، من أجل إرضاء لوبي نهب الرمال، اليوم نحن ضد أي استمرار لنشاط جرف الرمال بمهدية بكيفية غير قانونية وغير مقنّنة، لما سيشكله ذلك من اختلالات بالبيئة النهرية والبحرية، وتناقص المخزون السمكي بشكل كبير ومهول، وهو أمر مرفوض قطعا من طرف كافة مهنيي قطاع الصيد البحري بالمنطقة الأطلسية ككل، وكافة مكونات المجتمع المدني المهتم بالبيئة، باعتبار هذه المنطقة خزانا ومحمية لتوالد وتكاثر كافة الأصناف السمكية، من أسماك سطحية وقشريات ورخويات... خصوصا وأنّها تعاني أصلا من تدمير ممنهج من خلال الاستغلال المفرط لأسماك الأنكولا بنهر سبو وتداعياته الخطيرة، أضف إلى ذلك التلوث الناتج عن مخلفات الأعلاف المستخدمة في تسمين أسماك التونة بالمضربات الواقعة بالمنطقة. ما هي التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لنشاط جرف الرمال على ممتهني الصيد الساحلي والصيد التقليدي؟ نحن مع تقنين نشاط جرف الرمال المنقسم إلى قسمين: جرف الصيانة وجرف الاستغلال، فجرف الصيانة له إيجابيات تتجلى أساساً في تعميق ممرات دخول وخروج البواخر، وهو ضرورة ملحة بالنسبة لنا ولنشاط الصيد البحري وتسهر عليه الوكالة الوطنية للموانئ، وكمهنيين نتابع عن قرب هذه العمليات وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية على العموم، فجرف الصيانة له دور كبير في ضمان نشاط الموانئ وفي سلامة الصيادين على طول اليوم بدون انتظار حركة المد والجزر، وإذا تعذر جرف الصيانة سوف تغلق ممرات الموانئ بفعل الترسبات، ما يؤدي إلى شل حركة الموانئ، ومنها توقف دخول وخروج البواخر والمراكب المخصصة للصيد بكل أصنافه. أما القسم الثاني، فيشمل جرف رمال الاستغلال، هذا النوع تقنن بفضل قانون المقالع الجديد 27.13، الذي ينص على الجرف في أعماق تفوق 20 مترا، والقيام بدراسة التأثير على البيئة التي تسهر عليها وزارة البيئة، واللجنة التي تبت في الدراسة تضم في عضويتها جميع القطاعات المعنية، بما فيها قطاع الصيد البحري، ولا أظنها ستتساهل إذا ما ثبت أي تأثير على البيئة أو على النظام الإيكولوجي البحري، وكمهنيين سنتصدى لأي تجاوز يؤثر سلبا على الصيد البحري، حيث أكّدنا باستمرار وخلال كافة اللقاءات والاجتماعات مع مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية، على ضرورة تدخل وانخراط المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري (INRH) في هذا الموضوع، من خلال تقاريره وتوصياته الرامية أساسا إلى الحفاظ على البيئة البحرية وعلى الثروات البحرية التي تزخر بها بلادنا، وبالتالي ضمان استغلالها بشكل معقلن ومستدام حماية لها وحفاظا على مصدر عيش شريحة هامة من المواطنين النشطين، خاصة إذا ما علمنا أن قطاع الصيد البحري يعد المحرك الأساسي للتنمية بالمنطقة، باعتباره مصدر عيش الساكنة بمهدية والعرائش. تعزز التشريع المغربي قبل سنوات بمجموعة من النصوص القانونية التي تنظم المقالع البحرية وحماية الساحل؟ هل هذه النصوص كافية لبناء التوازن بين مختلف الأنشطة الاقتصادية؟ أم إنها بحاجة إلى المراجعة وامتلاك الآليات والوسائل الكافية لمراقبة تطبيقها؟ التشريعات الجديدة في مجال المقالع البحرية ثمرة مجهودات جبارة ومتواصلة من طرف كافة المتدخلين، ومن بينهم منتسبو قطاع الصيد البحري، وفي انتظار اكتمال الترسانة القانونية من نصوص تطبيقية وقرارات وزارية، نعتبر هذه القوانين كافية في الوقت الراهن مع وجوب تحيينها وملاءمتها بصفة دورية ومستمرة، وتقييمها لتصحيح الاختلالات والنواقص إن وجدت قصد مراجعتها وتعديلها. ما هي الخطوات التي تعتزمون القيام بها إذا اكتمل مسار الترخيص لعودة نشاط جرف الرمال خارج مقتضيات قانون المقالع 27.13 وقانون الساحل؟ بشكل مختصر، موقفنا واضح بهذا الشأن، نحن كمهنيين وممثلين لمهنيي قطاع الصيد البحري إن على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني، سنعارض وبشدة أيّة تراخيص لجرف الرمال بالمنطقتين المذكورتين سابقا خارج إطار قانون المقالع وقانون الساحل، كما سنرحب بأية إجراءات أو تدابير من شأنها حماية البيئة البحرية والثروات البحرية، خصوصا إذا ما استحضرنا الأهمية البالغة والدور الاستراتيجي الذي يلعبه قطاع الصيد البحري في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، من خلال تشغيله لمئات الآلاف من اليد العاملة، ومساهمته في خلق رواج تجاري وحركية اقتصادية بكافة موانئ المملكة، وجلبه موارد هامة من العملة الصعبة، بفضل صادراته الموجهة إلى كافة دول العالم، أضف إلى ذلك أنّ هذا القطاع الحيوي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره لله عنايته المولوية الكريمة.