خرج ترامب وحمل معه شعار "أمريكا أولا". ما الذي سيربحه المغرب اقتصاديا وتجاريا مع الرئيس الجديد بايدن؟ وماالذي سيخسره بخسارة ترامب؟ لقد كان ترامب رئيسا فوضويا وحمائيا، وقام بخلخلة العلاقات التجارية الدولية، وأثر ذلك على الاقتصادات العالمية بطبيعةالحال. كما أن ترامب شجع الحمائية التجارية التي ستعود في بعض المناطق والدول، وهذا ليس في صالح الاقتصادالعالمي برمته. أما بايدن، فلن يكون إضافة كبيرة، وأظن أن الأربع السنوات من ولايته بالكاد ستكون كافية لترميم الأعطاب والخسائرالتي خلفتها إدارة ترامب الفوضوية، والتي حولت العلاقات بين الدول من علاقات في إطار مؤسسات إلى علاقاتشخصية، وهذا ما أربك العالم، وأثر كثيرا على عدد كبير من القضايا؛ منها ما يخص قضايا الشرق الأوسط وشمالإفريقيا. لماذا لا يزال ما هو سياسي ودبلوماسي وأمني يغلب على ما هو اقتصادي في العلاقات المغربية الأمريكية؟ هناك سبب بسيط: الاقتصاد المغربي صغير مقارنة بالاقتصاد الأمريكي الضخم والأكثر حجما من حيث الدخل الفرديعالميا. علاوة على أن المغرب لديه أفضلية تجارية للتعامل مع الدول الأوروبية، وهي أيضا بلدان غنية ومتطورة، وهذا يجعلأمريكا تأتي في القائمة بعد بلدان أوروبية متطورة، والطبيعي ألا يكون الجميع في المرتبة الأولى. إلى جانب الدور الذييلعبه القرب الجغرافي، علما أن الأوروبيين هم الشركاء الاقتصاديون للمغرب في الدرجة الأولى، ورغم ذلك، فأمريكا لديهاعلاقات تجارية مع المغرب. هذا دون نسيان العلاقات السياسية والأمنية التي تجمعهما، لأن أمريكا منخرطة في الشؤونالدولية ولديها حضور في كل مناطق العالم، ونحن نعرف أن أمريكا ليست مجرد دولة عادية، بل هي إمبراطورية، ولديهانفوذ واسع وقوة ناعمة تؤثر بها على العالم، ومن تابع هذه الانتخابات سوف يرى حجم المتابعة التي حظيت بها علىالصعيد العالمي، وسيفهم هذا بشكل واضح. هل يمكن تطوير وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع إدارة بايدن في إطار "رابح–رابح"؟ طبعا، العلاقات التجارية تخلق دائما علاقات رابح–رابح، والبلدان سيحافظان على نفس العلاقات، لأنه ليست هناكرهانات كبيرة للإدارة الأمريكية في المغرب، لكي تضغط عليه في اتجاه ما، أو لكي تعطيه الأفضلية في اتجاه آخر؛ المغربليس في منطقة صراع مباشرة في الشرق الأوسط مثلا، ولكن ستبقى نفس العلاقات، وربما ما سيشوبها هو أن الإدارةالجديدة سوف تكون توجهاتها الديمقراطية أكثر بروزا من إدارة ترامب. والرئيس الجديد بايدن لما كان مرشحا قالبوضوح إنه سيكون لديه ضغط في اتجاه إصلاحات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأظن أن إدارة بايدنستشبه إلى حد ما إدارة بارك أوباما مع بعض الاختلافات، وسيعطي أهمية لكل ما هو اقتصادي وعلاقات دولية يسودهاالاستقرار والسلام والتعاون بين المؤسسات، وسيقطع الفوضى التي كانت تطبع إدارة ترامب. هل تتوقع تعافي الاقتصاد الأمريكي؟ في حالة "نعم"، هل يمكن أن ينعكس ذلك بالإيجاب على المغرب والمنطقة؟ أتوقع أنه خلال بضعة أسابيع قليلة، ستبدأ الشركات الأمريكية والعالمية في إعلانها التوصل إلى لقاح كورونا، وبعدهاستبدأ عملية تسويقه، وفي غضون فصل الربيع، سيكون اللقاح متوفرا لدى الاقتصادات المتطورة التي تضررت كثيرا منتداعيات الفيروس، وهذا سينعكس على الاقتصاد العالمي وسيسترجع عافيته. ولكن لا يمكن إنكار أن الطريقة الفوضويةالتي كانت تدير بها إدارة ترامب الأمور كانت لا تؤثر على الاقتصاد العالمي، وأثرت على العلاقات بين واشنطن وأوروباوبقية البلدان. سيعطي بايدن أهمية لإصلاح الأعطاب والقيام بالإصلاحات، وعليه، أتوقع أن تتعافى الاقتصادات العالميةوتكون أكثر استقرارا في الأسابيع والأشهر المقبلة.