اعتبر خبير مغربي أن الانتخابات الجزائرية التي أعلنت نتائجها مساء أمس الثلاثاء، "لم تأت بأي جديد وأكدت مسار الأزمة العميقة" التي تعيشها البلاد، لافتا إلى أن الأزمة في الجارة الشرقية للمغرب ستطول. وقال خالد يايموت، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إنه "رغم مرور الاستفتاء الدستوري والانتخابات الرئاسية والتشريعية، فإن الانتخابات ماتزال توضح بشكل كبير عمق الأزمة الجزائرية في النسق السياسي". وأفاد يايموت في حديث مع "اليوم 24" حول نتائج الانتخابات الجزائرية، التي تصدرها حزب جبهة التحرير الحاكم، بأن "الأحزاب التي لها مقاعد في البرلمان هي أحزاب شكلت العمود الفقري للسلطة في الجزائر وولاؤها للجيش دائم". وأضاف يايموت أن مؤشرات الأزمة تتمثل في أن التيارات الإسلامية التي كانت تعول على شفافية الانتخابات، "أصيبت لا هي ولا القوائم المستقلة بنوع من النكسة، ويظهر أن الانتخابات الجزائرية شابتها بعض الخروقات الجوهرية". وزاد مبينا أن القوائم المستقلة التي كانت تعول على نسبة كبيرة من المشاركة، وبالتالي تفوز بعدد أكبر من المقاعد "لم يتحقق لها ذلك"، مبرزا أن مؤشرات استمرار الأزمة السياسية قائمة "والانتخابات التي تروم بناء مؤسسة منسجمة قادرة على إخراج الجزائر من عنق الزجاجة التي وصلت إليه، سجلت فشلا ذريعا في هذا الأمر". كما بين الخبير المغربي أن البرلمان الجزائري في تركيبته الجديدة "سيكون أكثر من سابقيه من حيث التشرذم، والغريب أن هذه الأحزاب هي التي حوكم فيها أكثر عدد من السياسيين إبان الحراك السياسي"، مشددا على أن هذا التشرذم "لن يؤهل المؤسسة التشريعية الجزائرية إلى بناء جسور حقيقية بينها وبين ممثلي الشعب، وسيؤدي إلى المزيد من فقدان الثقة في المؤسسات الأخرى خصوصا". ومضى يايموت في قراءته قائلا: "لا أظن أن السلطة التشريعية بهذه الانتخابات ستحقق مسارا جديدا كما يقول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ويبدو أن الأزمة ستطول وستكون هناك ردود فعل سواء من طرف السلطة أو الشارع"؟ وتعليقا على تقليل الرئيس الجزائري من أهمية نسبة المشاركة في الانتخابات، قال يايموت "هذا يبين أن الهاجس الكبير والمركزي في عقل الرئيس والجيش، هو البحث عن الشرعية بأي ثمن، حتى ولو كانت مشاركة ضعيفة أو انتخابات شابها نوع من المشاكل". وقلل المحلل السياسي ذاته من تأثير هذه الانتخابات على الصورة الخارجية للجزائر، وقال: إن الجيش في الجزائر له "حلفاء على المستوى الدولي رغم ما يظهر من انتقادات سواء على مستوى البرلمان الأوربي، وبعض وسائل الإعلام الفرنسية أو الألمانية فتبقى مجرد انتقادات إعلامية فقط". وأبرز يايموت أن عقل الجيش الجزائري المتمسك بالسلطة ينظر إلى "واقع وأزمة كبيرة لا تترك له المجال لممارسة العنف، لأنها تتخذ طابع احتجاج سلمي، وفي نفس الوقت، تلجأ للانسحاب السياسي في الانتخابات، وهو ما يسمى في علم الاجتماع السياسي بالمشاركة غير المباشرة"، التي تؤدي إلى "تعرية" المؤسسات السياسية وسحب الثقة منها عن طريق الانسحاب".