أثار قرار أصدرته المحكمة الإدارية بالرباط في 13 يوليوز الجاري، يعطي الصلاحية لرئيس كتابة الضبط بفحص مدى قانونية العقود التي يبرمها المحامون، جدلا كبيرا وسط هيئات المحامين بالمغرب. وتنص المادة 4 من مدونة الحقوق العينية، على أن رئيس كتابة الضبط، يقوم ب"التعريف بإمضاء المحامي" على العقود. وجاء في القرار أن صلاحية رئيس كتابة الضبط، في "التعريف بإمضاء المحامي على العقد المحرر من طرفه مع تعلقه بتصرف يمنع القانون إبرامه، من شأنه أن يحدث أثرا قانونيا يفضي إلى مخالفة نص جنائي وهو ما لا يصح قانونا الأمر به، ما دام يتعارض مع النصوص القانونية، المنظمة لعمليات التعاقد، التي غايتها حفظ الأمن العقاري والقانوني". وبذلك قررت المحكمة أن من حق رئيس كتابة الضبط الامتناع عن التأشير عن أي عقد ثبتت مخالفته لنص قانوني يحتمل معه إثارة مسؤوليته الجنائية عن المشاركة في إعداده. وكان محامي من هيئة القنيطرة، وضع مقالا افتتاحيا أمام المحكمة الإدارية في 8 مارس2021 ضد رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية بالقنيطرة، ورئيس المحكمة ووزارة العدل، وضد الدولة في شخص رئيس الحكومة، والوكيل القضائي للمملكة. وجاء في المقال الافتتاحي أن رئيس كتابة الضبط، رفض التعريف بإمضاء المحامي على العقد، تطبيقا للمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية، وهي مادة "تحصر دور رئيس كتابة الضبط في التعريف بإمضاء المحامي"، بعد التأكد من صفته كمحام ممارس ومقبول لدى محكمة النقض. وردت وزارة العدل بمذكرة أفادت فيها أن العقد المطلوب التصديق عليه يتعلق ببيع بقعة أرضية ليست مملوكة للبائع بشكل نهائي، حسب شهادة إدارية من مجموعة العمران، وأن العقد المحرر من طرف المحامي لا يندرج ضمن العقود المنصوص عليها في المادة4 من مدونة الحقوق العينية، لأنه ليس عقدا ناقلا للملكية، كما أن رئيس كتابة الضبط يتحمل مسؤولية عدم مراقبة وتصفح المحررات، وأن ملكية البقعة موضوع عقد البيع آلت لموكله من ذوي حقوق الجماعة السلالية عن طريق الاستفادة من مجموعة العمران، مما يجعله ملزما بمراقبة صحة العقد. واعتبرت المحكمة في قرارها أن القانون يمنع تفويت مثل هذه العقارات ويعاقب من قام بذلك أو شارك بأي صفة في إعداد وثائق تتعلق بالتفويت لعقار مملوك لجماعة سلالية. وأشارت المحكمة في قرارها إلى أن "هذه الظاهرة تستوجب التصدي لها"، وسبق أن استرعت انتباه الجهات الإدارية المعنية. وأشار نص القرار إلى رسالة لوزير العدل موجهة لنقيب هيئة المحامين حول خروقات توثيق بعض المحامين لهذه العمليات العقارية خلافا للقانون. وكذا دورية وزير الداخلية، بهذا الشأن. واعتبرت المحكمة أن مسايرة الطاعن في ادعائه بعدم مشروعية قرار رئيس كتابة الضبط رفض التصديق على العقد، وإلزام رئيس كتابة الضبط بالتأشير على التعريف بإمضاء المحامي "من شأن أن يفضي إلى مخالفة نص جنائي،" وهو ما "لا يصح قانونا الأمر به". وبذلك قررت المحكمة أنه يحق لرئيس كتابة الضبط الامتناع عن التأشير عن أي عقد تبتث مخالفته لنص قانوني يحتمل معه إثارة مسؤوليته الجنائية عن المشاركة في إعداده. وحسب مصدر من هيئة المحامين بالرباط، فإن هذا القرار أثار جدلا كبيرا وينتظر أن تناقشه الهيئة قريبا، وتصدر بشأنه موقفا. وحسب المصدر فإن السؤال المطروح، يتعلق بمنح صلاحية فحص قانونية العقود لرئيس كتابة الضبط، وهل هو مؤهل لذلك؟ خاصة أن هذا الاجتهاد من شأنه المس بصلاحيات المحامين في إبرام العقود.