عندما كتبت، أمس، مقالي عن العدالة والتنمية (هل عاد قادة البيجيدي إلى لغة بنكيران) وخلصت فيه إلى أن هؤلاء القادة المتنازعين ضيعوا سبعة أشهر من العمر السياسي للحزب في جدل فارغ. وطبعا كنت أقصد هنا آخر بلاغ لقيادة الحزب الذي اعتبر المشاركة في الحكومة الحالية قرارا جماعيا وأن العدالة والتنمية يدعمها. بل خلصت أيضا في هذا المقال إلى أن الجميع عاد اليوم إلى ما قاله بنكيران في البداية، أي إلى قبل ذهابه إلى السعودية لأداء مناسك العمرة حين أكد "أن الحكومة الحالية هي حكومة العدالة والتنمية وأن على الحزب أن يساندها". أكثر من هذا، لقد قلت أيضا في مقالي إن قيادة الحزب استشعرت الخطر الذي قد يهدد السفينة بكاملها إذا لم لم يتم التعامل مع السياق السياسي الذي قاد إلى حكومة العثماني كجزء من الماضي لأن الأهم الآن هو هو المستقبل. عندما كتبت كل هذا، فإن ذلك لا يعني أني لم أستحضر بعض الوقائع والمحطات والتداعيات المرتبطة بالسياق السياسي الذي جاء فيه الإعفاء الملكي لبنكيران وميلاد حكومة العثماني وما صدر من مواقف من هذا الطرف أو ذاك. وهذا ما عابه علي البعض في ملاحظات وانتقادات توصلت بها هذا الصباح. والواقع أني لم أشر إلى هذا السياق السياسي اعتقادا مني أن "السياق معلوم" ووقائعه "غير مجهولة"، بل هي من باب السماء فوقنا. وفعلا ينبغي الاعتراف اليوم بأن هذه أول مرة يعترف فيها الحزب في بلاغ رسمي صادر عن الأمانة العامة بالمسؤولية الجماعية عن تدبير إخراج الحكومة الحالية بهذه "التركيبة الحزبية العجيبة". وليس هذا فحسب، بل إن هذه أول مرة تنتزع فيها الأمانة العامة من بنكيران دعما علنيا ورسميا لحكومة العثماني. وربما هذا ما كان يطالب به بعض الرافضين للولاية الثالثة الذين دعوا بنكيران أيضا وفي أكثر من مناسبة بفتح تحقيق في ما طالهم من اتهامات ثقيلة وصلت حد "التخوين والتخابر مع العدو". بل إن قياديا في الحزب هو مصطفى الرميد قاطع اجتماعات الأمانة العامة ما لم تتم محاسبة هؤلاء "الخونة" جميعا وما لم تتم محاسبته هو شخصيا عن أي انزلاق قد يكون قد وقع فيه دون علم الحزب غير أن هذا الطلب لم تتم الاستجابة إليه. اليوم، وبعد هذا البلاغ الأخير للأمانة العامة الذي تحدث رسميا ولأول مرة عن المسؤولية الجماعية في تشكيل الحكومة الحالية وعن دعم بنكيران لها، فيبدو أن الأمور تتجه ربما نحو تغليب التوافق بدل هذا النزاع الذي يقود حتما إلى الفشل وذهاب الريح. وأقول هنا "يبدو" و"ربما" لأن كل شيء وارد اليوم في اجتماع آخر للأمانة العامة الذي ينعقد الآن بحضور الرميد، فيما قد يتغيب مرة أخرى بنكيران. بقي فقط أن أقول: بالتوفيق لمنتخبنا الوطني في مباراته ضد "الفيلة" بأبيدجان بقيادة المدرب رونار وأتوقع أن يغادر قياديون في البيجيدي هذا الاجتماع للأمانة العامة لمتابعة هذه المباراة المصيرية والمؤهلة لحلم المونديال. *كاتب وصحفي مغربي