أولى المجلس الأعلى للحسابات، اهتماما خاصا للجانب الميداني في قطاع الصحة من خلال التركيز على كيفية توفير هذه الخدمة العمومية للمواطن، حيث قام بمراقبة عدة مستشفيات جهوية وإقليمية عبر ربوع التراب الوطني، ووقف على مجموعة من النقائص تتعلق بالتخطيط االستراتيجي والبرمجة، وعملية تدبير المواعيد، والبنايات والتجهيزات. وتشكل هذه النقائص عائقا حقيقيا أمام تقديم خدمة صحية عمومية بالجودة المطلوبة. فعلى مستوى التخصصات الطبية المفروض توفرها في المؤسسات االستشفائية حسب المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، لاحظ المجلس في تقريره السنوي الأخير أن المراكز الصحية لا توفر جميع الخدمات التي يمكن اعتبارها ضرورية وأساسية بالنسبة للمواطنات والمواطنين إذ سجل الأخير ، على مستوى بعض المراكز الاستشفائية الإقليمية بمدن كبرى، غياب تخصصات عديدة من قبيل أمراض األذن والحلق والحنجرة وجراحة الفك والوجه واألمراض العقلية، وكذا غياب الخدمات العالجية في مجال اإلنعاش. كما لوحظ على مستوى بعض المستشفيات المحلية عدم اشتغال مصالح الجراحة أو تلك المختصة بطب الاطفال ينتج عن هذه الوضعية في جميع الحاالت ضرورة تنقل أو تنقيل المرضى إلى مستشفيات أخرى لتلقي العالجات. وعلى مستوى الموارد البشرية تم تسجيل نقص في الموارد البشرية شبه الطبية. وينذر هرم أعمار هذه الفئة بتفاقم الوضع القائم والذي يصل الآن ببعض المصالح حسب المجلس إلى ممرض واحد لكل 60 سريرا. وينتج عن هذا الخصاص تأثير سلبي على استغلال بعض التجهيزات، وضعف في انتاجية بعض المصالح الطبية كالوحدات الجراحية. ويعزى هذا النقص إلى بلوغ عدد من الممرضين سن التقاعد. وفيما يتعلق بتدبير المواعيد، فقد تم، من خالل فحص سير عمل التطبيق المعلوماتي المسمى "موعدي" المعتمد لتدبير مواعيد المرضى، تسجيل آجال طويلة في بعض التخصصات كالجراحة العامة وأمراض الغدد والسكري وأمراض الجلد حيث وصلت في المعدل ما بين أربعة أشهر وسبعة أشهر ببعض المستشفيات. كما سجل طول المواعيد الخاصة بفحوصات الكشف بالصدى التي وصلت في بعض الحاالت إلى خمسة أشهر. وبالنسبة لبعض التخصصات فإن مواعيد للكشف الطبي العادي قد تستلزم آجال طويلة حيث تصل في بعض الأحيان إلى عشرة أشهر بالنسبة لتخصص طب العيون. وتعود هذه الحالة بالأساس حسب المجلس الأعلى للحسابات إلى المنهجية المتبعة في برمجة الكشوفات التي تقتصر، غالبا، على فترة زمنية واحدة خلال الأسبوع بالنسبة لكل أخصائي كما هو الشأن بالنسبة للتخصصات التالية: الأمراض الجلدية وأمراض الغدد الصماء وأمراض الجهاز الهضمي وأمراض النساء وأمراض الدم وأمراض القلب وطب العيون. أما بالنسبة للتجهيزات، فقد سُجل عدم تشغيل العديد من الأجهزة البيوطبية المقتناة وضعف وغياب أعمال الصيانة الشيء الذي يؤثر سلبا على سير المصالح االستشفائية وعلى جودة الخدمات الصحية المقدمة.