– "يوم المهاجر"... تعب الناس وتنهّدات الأمهات وعذابات الانتظارات المستحيلة! و...لنا يطيب الصباح حيث لم يعد لوهم الانتظار مكان.. تسمرت في مكاني فجأة أمام عناوين مكررة مستفزة، تربعت اليوم على أغلفة الصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، تملكتني رغبة عارمة بالصراخ كانت تصعد من أعماقي..بل وفقدت معها حتى القدرة على التركيز.. ((الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر الذي يصادف 10 من غشت من كل سنة)) عنوان مستفز ولَّد في داخلي أسئلة كثيرة. وقبل -حتى-ان افكر في الاجابات خوفا أن تتبعثر كلماتي وتتلاشى خطواتي، بحثت عن متنفس آخر لتغيير وضعي قبل أن يتجمد تفكيري..وتتخذر أطرافي ومفاصلي. تنهدت بعمق.."كيف أعالج هذا العبث الرهيب الذي يقتلنا"؟.. فمن الصعب جدا بل من المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في زمن غير صادق اهله ! سمعتهم .. في يومهم اياه."اليوم الوطني للمهاجر" يخطبون و يهللون .."شبابنا في الخارج طاقات وتحديات ورهانات المستقبل".."عامل الاقليم يخصص يوما كاملا لأبناء الجالية، لستمع إلى مشاكلهم" "يوم المهاجرفرصة لتعزيز الروابط بين مغاربة العالم ووطنهم الأم، ومناقشة العديد من القضايا التي تهم هذه الفئة من المجتمع".. "المهاجر ثروة "، "سندافع عن حقوق المهاجر" ..."هذا مبدئنا ولن نقبل التراجع عن مبادئنا"..الخ..الخ من كلام جميل موزون ..معسل. لكنهم، ومن وراء ظهرنا ومن وراء مرؤوسيهم المقصرين المشغولة عقولهم بمصالح أخرى شخصية ، ومشغولة أياديهم بمتطلبات التهييص والتصفيق، يعقدون صفقات اخرى سرّية تضمن لهم الاستمرار في مناصبهم وتضمن لهم طبعا أفضل الارباح وباقل الاسعار. فهم يعلمون جيدا انهم يستطيعون الاعتماد على "مهاجر" آخر لا يشبهنا .. "مهاجر" صنعوه لهم.. مِن اولائك الذين يستدعونهم في مناسباتهم ، يحضرون ، يهللون ، يصفقون ، يلحسون وينصرفون ... مهاجر مفصوم متحد حول قوانين الجهل والخبث والتكاذب .."مهاجر" لا يشبهنا في شيء ، صنعوه لهم وهو بغالبيته لا يفكر ..لا يحلل ولا يختار، بل ينقاد فحسب.!! تساءلت حول ما سر كل هذا الحماس الزائد وهم يتحدثون حول مصالح(نا).. مصالح" الجالية المغربية المقيمة في الخارج" كما يحلوا لهم ان يسموننا..؟ وهل فعلا أن هؤلاء لم يعودوا ينظرون إلى هذه "الجالية" كالبقرة الحلوب..وكمصدر للعملة الصعبة ؟ لكن ! هناك بدأ نعيق الغربان .. وبدأت الأرانب تحفر جحورها.. فبالله عليكم عن اي مهاجر تتكلمون ؟ نهبتم خيراته بل وخيرات كل البلاد والعباد .. دمرتموه .. شردتموه.. وفاقمتم من إفقاره . أما آن لكم أن تتعقلوا وبادمغتكم الصدئه ان تفكروا بما انتم بهذه السنوات من الشعارات كنتم فاعلون ؟ فبالله عليكم عن اي مهاجر تتكلمون ؟ . مهاجر مهجّر رغما عنه .. كالملايين الاخرى المشتتة فى اقاصى الدنيا..."مهاجرون مغاربة" منتشرون في كل قارات العالم،حتى في أصغر الجمهوريات التي لا وجود لها على اي خارطة. والحقيقة واضحة كوضوح الشمس ولا لبس فيها...مهجرون لكنهم وطنيون احرار اكثر منكم انتم الذين تتحدثون باسمهم..يحبون البلد حتى النخاع وملتصقون بالأرض .. يرفضون كل مستغل واجندته ..لا يصطفون مع العملاء ويرفضون برامجهم.. اضطروا لمغادرة البلد .. لم يتحملوا الظلم والاستبداد لمسؤولين مقيتين ومتسلطين على رقاب الناس. نعم هم المهجرون..كل هذه الشرائح التي غادرت الوطن على مضض وتشتتت فى ارجاء المعمورة . فبالله عليكم عن اي"يوم وطني للمهاجر" تتكلمون ؟ . فهل منكم فعلا من وقف ولو وقفة خاطفة على جانب من مشاكل هؤلاء الذين تسمونهم قسرا "مهاجرون" ووقفتم على معاناتهم اليومية. وهل من كل جمعياتكم ولجانكم ومجالسكم من فسر لكم يوما ان هذه المشاكل تعكس وجود هوة عميقة بين الطموح المعبر عليه في مشاريعكم و برامجكم وبين واقع الحال على أرض الواقع ، وهو ما ينمي الشعور لدى هؤلاء بأنكم وكل الحكومات المتعاقبة لا تهتمون إلا بعائداتهم المالية ولا تكلفو نفسكم حتى عناء الغوص في معيشهم اليومي والإحساس العميق بمعاناتهم اليومية.بل انكم اخترتم أن تنحون منحى مخالفا لخطاب عاهل البلاد..وطبعا لن تجنون سوى هذا الاستياء العارم الكبيرالذي تعايشونه لدى "الجالية"، بل أن بعض أفرادها قرروا مقاطعة البلاد نتيجة لهذا الإقصاء الذي يمارس عليهم من طرف المسؤولين وكل هذه الحكومات المتعاقبة.. والبعض قرر الإمتناع عن الإستثمار في إطار حكومة وحكومات تمارس عليه الحيف في إنقاص حقوقه السياسية وحرياته العامة. أن تفتحوا المطارات و الموانئ والشواطئ والمطاعم والمقاهي والحانات وتسمحون للعربات المجرورة بيع وجبات الحلزون (الببوش) والهندية والذرة المشوية وتقولون "أننا نرحب بكم " !فهذا ليس ترحيبا بل هي تجارة وجميعكم تسترزقون منها .. مشاكل الجالية يا سادة يا كرام ليست وليدة اليوم،سببها يرجع أساسا إلى مجموعة تراكمات، بين الجيل الأول والثاني والثالث والرابع وكل الأجيال الجديدة التي هي في الطريق . صحيح أن هناك انفتاح ما وتقدم نلامسه، وهناك تطور ما لا يمكن تجاهله ...لكنه لازال أمرا ضعيفا جدا. هناك يا سادة يا كرام...مشاكل بالجملة.. اجتماعية، سياسية،اقتصادية، إدارية و..و... وغير ذلك. صحيح لا ننكر ولا احد ينكر ان جهود ما تُبذل..لكن ايضا لا ننكر انها جهود كلها قائمة على مبادرات ذاتية تطوعية وهو ما يستدعي ضرورة الانتقال من العمل التطوعي إلى العمل المؤسساتي المدعوم ولما لا من طرف الدولة . فلهذا المهاجر كل الحق في التمتع بحقوقه كاملة..مكمولة..في تمتيعه بالحق في المشاركة السياسية وتمكينه من اختيار من يمثله في مؤسسات الدولة ومراعاة تمثيليته في مختلف المجالس الاستشارية الأخرى. هنا ياسادة يا كرام..نماذج متعددة منا، هنا الاطفال هنا الشباب، وهنا الكبار بالسن، هنا العمال، هنا التجار هنا الفلاحين وهنا كل شرائح المجتمع ..هنا المتخصصين وذوي المؤهلات العالية والكفاءات، وهنا من جاء للدراسة ثم لم يعد، هذه النماذج المختلفة ياسادة يا كرام تكاد – فعلا- تمثل نموذج "للبلد" بشكل مصغر بكل اختلافاته؟ خلاصة الحكاية: "يوم المهاجر"...تعب الناس و احلام الاطفال وتنهّدات الأمهات وعذابات الانتظارات المستحيلة.. ولنا سيطيب الصباح حيث لم يعد لوهم الانتظار مكان.. سنقاوم المتخمين ونسجّل النصر. فمن الصعب جدا بل من المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في زمن غير صادق اهله ! فبالله عليكم عن اي "يوم وطني للمهاجر" تتكلمون ؟