سيتذكر ناصر الزفزافي التاسع والعشرين من ماي الماضي طويلا، وسيتذكر الوجوه التي فاجأته بالمنزل الذي كان به في الساعة السابعة والنصف صباحا، حينما كان نائما رفقة محمد حاكي وفهيم هزاط. في التاسع والعشرين من شهر ماي بدأ شريط المعاناة. بعد الاعتقال المفاجئ، تم الحجز على الكثير من الأغراض في اليوم الموالي من منزل العائلة، الهاتف كان أحد المحجورات، وإن لم يقد ضباط الشرطة إلى ما قد يعتبر جريمة، ثم الترحيل من الحسيمة إلى الدارالبيضاء ... كان الزفزافي يعرف أنه هدف، وهدف مستعجل للذين يوجدون في الجهة الأخرى، ولذلك كان يضبط جميع تحركاته واتصالاته الهاتفية. كان الزفزافي يعرف أن المظاهرات التي ملأت الشوارع في مدينة الحسيمة لن تمر عند الجهة الأخرى هكذا، هذا على الرغم من أنه رمى في البركة الآسنة بالكثير من الإشارات، ومنها أنه ورفاقه لا يهدفون أي شيء خارج القانون، وأن الأهداف المعلنة عنها من توفير البنيات التحتية الاجتماعية والخدماتية والاقتصادية ... هي الأهداف الوحيدة، وأن كل ما يروج عن وجود أهداف أخرى لا أساس له من الصحة ولا وجود أيضا لأي خلفيات أخرى من مثل الخلفيات الانفصالية التي اتهم بها الحراك. ولكي يزيل الزفزافي الكثير من اللبوسات، ومنها الاتهام بالانفصال، قرر ورفاقه ممن اشتموا رائحة الاعتقال قد اقتربت، قرروا تنظيم مسيرة عنوانها الكبير«لسنا انفصاليين». كان يبدو من المسيرة والعنوان الذي اقترح لها وقبل عشرة أيام من الاعتقال، أنه كاف لكي يفهم الطرف الآخر أن كل ما راج عن علاقات مفترضة بين نشطاء حراك الحسيمة وأسماء في الخارج قد تكون لها نوايا افتصالية لا أساس لها من الصحة، لكن الأمور سارت في نفس الاتجاه الذي كان قد انطلق منذ اللقاء الذي جمع وزير الداخلية بزعماء أحزاب الأغلبية، حينما اتهم أحد القادة السياسيين حراك الريف بالانفصال، وانقلبت الأمور التي كانت هادئة إلى توترات متتالية لم تهدأ من روعها كل الاعتذارات التي جاءت فيما بعد، بما فيها اعتذار رئيس الحكومة الذي قال في أول خروج إعلامي له في القناتين الأولى والثانية، أنه ما كان يجب اتهام حراك الريف بالانفصال. مضى شهر ماي، وانتقل الزفزافي من الحسيمة إلى سجن عكاشة، وتوالت الاعتقالات والتحقيقات، واعتقد البعض أن هذا المسار سيتوقف في القريب العاجل، قبل أن يتبين أنه سيستمر، واستمرت معه الأبحاث التي وضعت أسماء توجد خارج الوطن في صلب القضية. بلال .ع، وفريد .أ ... وآخرين ممن تصفهم أوراق القضية بنشطاء الخارج من دعاة انفصال الريف، وهكذا أصبح على عدد من رفاق الزفزافي الإجابة على العلاقة المفترضة مع هؤلاء، وعلى الرغم من أن كل نشطاء الحراك الذين طرح عليه السؤال ردوا بالنفي وأكدوا أنهم لا يعرفون الخلفيات السياسية والإيديولوجية لهؤلاء، ظلت أوراق القضية تصر على وجود علاقة. سيكون على الدفاع والنيابة العامة في الجلسات المقبلة للمحاكمة التي انطلقت قبل أسبوع، كثير من التدقيق في هذه القضية الدقيقة أيضا.