تزْخرُ مدينة زايو وضواحيها بكثيرٍ من المآثر التاريخية العريقة، يحْكي أهْلُها أنَّها كانتْ إلى حُدود سنوات التسعينيات من القرن الماضي جَواهرَ تبهرُ الزوّارَ، أمَّا اليومَ فقدْ تصدّعتْ جُدران كثير منْها، وسقطتْ أجزاؤها، وصارَ أغلبُها عَلى شَفا الانهيار في أيّ لحظة بسبب الإهمالِ الذي طالَها على مَدى سنواتٍ. ومن بين هذه المآثر التاريخية، نجد قلعة الصفصاف أو قلعة البرجين التي تعتبر من أجمل المآثر العسكرية الاسبانية بجماعة أولاد ستوت، وبالرغم من أن معظم معالمها لازالت بارزة لحد الآن، إلاّ أنها أصبحت في طي النسيان وتتعرض للإتلاف باستمرار. تشير المصادر التاريخية إلى أن تاريخ بنائها يعود الى سنة 1921 من طرف الاسبان الذين ارادوا من خلالها انشاء نقطة رئيسية لمراقبة الطريق المؤدية الى الحدود الفرنسية انذاك حيث يشكل نهر ملوية الحد الفاصل بين المنطقة الخليفية الواقعة تحت النفوذ الاسباني والمنطقة السلطانية الخاضعة للنفوذ الفرنسي ففي هذه الفترة لم يكن جسر الصفصاف قد بني بعد، وكانت هذه النقطة حيث القلعة عبارة عن ممر حيوي للأشخاص والبضائع. لذا فبناء القلعة كان يهدف بالأساس الى مراقبة كل التحركات من والى ضفتي نهر ملوية وتحويلها الى ممر اجباري, الى جانب تعزيز الوجود الاسباني بالمنطقة وكذلك الاستفادة من مياه نهر ملوية , كما ان اختيار هذا المكان جاء على اساس ان يتم مستقبلا بناء جسر الصفصاف بمحاذاة القلعة. رغم صغر مساحة القلعة فقد حاول المهندس الذي اشرف على تصميمها اضفاء طابع معماري متميز معتمدا على المعمار العربي في نسق عصري جميل. والقلعة عبارة عن بناء مستطيل الشكل يتوسطه فناء كبير مع وجود برجين على شكل رباعي الزوايا شبيهة بالأبراج التي كان ينشئها المسلمون قديما , وعلى حنباتها توجد نوافذ اضلاعها العلوية على شكل اقواس وفي اعلى البرجين عند احدى الزوايا نلاحظ وجود برجين من حجم صغير جدا على شكل بصلي مخصصين لوقوف الحراس حيث يسمح علوهما رؤية جيدة، أما البوابة فقد زين قوسها بالآجر الاحمر وكذلك جنباتها، أمّا البرج الشمالي كان مخصصا للحراس والبرج الجنوبي لسكن الضابط المكلف بإدارة شؤون القلعة. وقد تم تكليف المهندس ماريانو كامبوس سنة 1919 بمهمة بناء هذه القلعة إلا ان اشغال البناء بدأت في دجنبر من سنة 1921 لتنتهي في 1 يوليوز 1922. وقد شارك في اشغال البناء فرقة من الجنود الاسبان وعدد كبير من البنائين والنجارين. إن هذا التراث العسكري اصبح موضوع عدة أبحاث ودراسات وطنيا ودوليا، وهناك اهتمام كبير بهذه الاثار إلا أننا نلاحظ أن الجهات المختصة لا تولي اهتماما لهذا التراث، رغم أن معظم هذه المعالم التاريخية توجد في حالة جيدة يمكن استثمارها سياحياً وثقافياً وعلمياً، كما أنه من الواجب على كل الفعاليات العمل على الحفاظ عليها بل وترميمها واستثمارها لتنمية المنطقة.