واصل البيجيدي استغفال الناخبين بنتائج تقارير أعدتها الحكومة نفسها ليوهمهم بالقدرة على فتح آفاق التشغيل والإدماج وتشجيع الاستثمار ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة . فقد أورد برنامجه الانتخابي 2021 أرقاما مغرية كمثيلاتها في التمدرس لكنه تجاهل كلية نسبة الإفلاس وتسريح العمال مثلما تجاهل نسبة الهدر المدرسي .هكذا يورد أنه تم إدماج أزيد من 406.000 باحث عن شغل من 2017إلى متم 2020؛كما تم دعم إحداث حوالي 660.000 منصب شغل (2017-2019). استنادا إلى هذه الأرقام ، من المفروض أن تعرف نسبة البطالة انخفاضا مهما ، لكن الحاصل هو العكس. فالمزاعم والأرقام التي يقدمها البيجيدي لا تصمد أمام المعطيات الرسمية التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط حول معدل البطالة الذي يعرف ارتفاعا مضطردا كالتالي: 8.9 %سنة 2011 ، 9.0 %سنة 2012 ، 9.2 %سنة 2013 ، 9.9 % سنة 2014 ، 9.7 %سنة 2015 ، 9.9 % سنة 2016 ، 10.2% سنة 2017 ، 9.5 %سنة 2018 ، وسجل معدل البطالة سنتي 2019 و2020 ارتفاعا منتقلًا من 9,2% إلى 11,9% . لا تأثير ، إذن، على واقع التشغيل لما اعتبره برنامج البيجيدي (ديناميكية الحكومة في مجال التشغيل في إطار الاستراتيجيات القطاعية والتدابير الطموحة التي أخذتها بعين الاعتبار). فحتى التقارير السنوية التي تقدمها وزارة الشغل والإدماج المهني تفند ما يدعيه البيجيدي . ففي التقرير السنوي الذي نشرته الوزارة تحت عنوان"سوق الشغل في 2017 " نجد أن "الأعداد الكبيرة المسجلة من طرف الشباب الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين،حيث بلغ معدلهم 29.3 % سنة 2017 مقابل 25 % سنة 2016 . وخلص التقرير إلى التالي "وبناء علي الإحصائيات المتاحة، عرفت سنة 2017 استمرار تراجع معدلات النشاط والتشغيل، مسجلة علي التوالي 46.7 % و41.9 .% مما يشير إلى وجود مشكل هيكلي متنامي يتجلى في عدم مشاركة فئات مهمة من السكان في النشاط الاقتصادي ولاسيما النساء والشباب. الشيء الذي نتج عنه استمرار نمو عدد السكان غير النشطين بمعدل يفوق نمو عدد السكان النشيطين، مما سيؤدي إلى الرفع من مستوى معدل الإعالة الاقتصادي". هذه هي الصورة الحقيقية للواقع الناتج عن فشل البيجيدي في معالجة مشاكل التشغيل والتنمية والتكوين ؛ الأمر الذي يؤثر مباشرة على النمو الاقتصادي . ففي التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2019 يوضح ضعف النمو الاقتصادي وأبرز أسبابه كالتالي( اتسمت سنة 2019 ّ بضعف النمو الاقتصادي، حيث لم يتجاوز 2.5 في المائة ، أي ّ أقل من المعدل المتوسط المسجل على مدى السنوات الثماني الأخيرة الذي يبلغ 3.2 في المائة. وبفعل هذا التراجع للسنة الثانية على التوالي منذ 2017 ،لم ترتفع حصة الفرد من الناتج الداخلي الإجمالي بالقيمة الثابتة سوى بنسبة 1.5 في المائة في سنة 2019 . ويبقى هذا المستوى من النمو غير كاف لتمكين اقتصادنا من الخروج من وضعيته الحالية ضمن فئة البلدان ذات الدخل المتوسط). فالعجز التجاري ظل "في مستويات عالية بشكل بنيوي، حيث بلغ حوالي 18.3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي ، أما بخصوص المالية العمومية، وبصرف النظر عن أثر مداخيل الخوصصة، فقد تفاقم عجز الميزانية مقارنة بسنة 2018 ،حيث بلغت نسبته 4.1 - ِ في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، عوض 3.8- في المائة). ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى هذه الوضعية ، حسب التقرير تتمثل في كون(الحجم المتناقص للحيز المالي، [يساهم] بفعل ضغط المديونية وضيق الوعاء الضريبي، في تقليص هوامش التدخل المتاحة للسياسة المالية، والحد من آثارها في مجال إنعاش النشاط الاقتصادي). فالحكومة تتوقع سداد 2.77 مليار دولار من الفوائد المترتبة عن الدين الداخلي، مقابل 465 مليون دولار من فوائد الدين الخارجي، إلى حدود شهر ابريل 2021 . ونظرا لارتفاع فوائد الدين الداخلي والخارجي بنسبة 4.7 % ، حسب الخزانة العامة للمملكة ،فإن الحكومة ستسدد 3.2 مليارات دولار فوائد نهاية 2021. ومعلوم أن الدين الداخلي إلى غاية الثلث الأول من العام 2021 بلغ حوالي 70 مليار دولار. إن تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في عهد حكومة البيجيدي ، حقيقة لا تعكسها فقط بيانات المركزيات النقابية وسلسلة الاحتجاجات والإضرابات القطاعية المتتالية ، بل كذلك التقارير الرسمية (المندوبية السامية للتخطيط ، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ..) . ففي التقرير السنوي الذي قدمه رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للعاهل المغربي ، شدد على الخلاصة التالية ( بالنسبة للبعد الاجتماعي، فإن تشخيص واقع الحال والتحليل الذي تم إنجازهما في إطار التقرير السنوي، يظهران أن سنة 2019 لم تشهد على العموم تسجيل تقدم كبير على مستوى الأوراش الاجتماعية الكبرى، مع استمرار الاختلالات البنيوية الرئيسية التي تعاني منها بلادنا في هذا المجال). نحن ، إذن ، أمام مفارقة صارخة : ديون بفوائدها بلغت مستويات قياسية وبطالة مرتفعة وخدمات اجتماعية ضعيفة. فحتى فرص الشغل التي يتغنى بها البيجيدي غير كافية لاستيعاب طالبي الشغل ؛مما يجعل ( البطالة طويلة الأمد هي السائدة بشكل رئيسي (أكثر من ثلثي العاطلين عن العمل)، ولا تزال تهم نفس الفئات (النساء وحاملي الشهادات والشباب). وعلاوة على ذلك، يغلب على بنية سوق الشغل بالمغرب العمل الذي لا يتطلب مؤهلات، وكذا الهشاشة وضعف الحماية بالنسبة لفئة عريضة من العاملين)حسب تقرير المجلس الاقتصادي. يتبع ..