قال الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني، إن قضية الصحراء المغربية قضية مجتمع وأمة، وليست قضية دولة أو حكومة فقط وأنها ينبغي أن تتحول إلى قضية شعب أكثر مما هي عليه، وأكد عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، على أن نزاع الصحراء مفتعل من الدول المستعمرة التي تعمل جاهدة على تفتيت الدول إلى دويلات وزرع الفتنة فيما بين شعوبها، وشدد المتحدث على ضرورة الوعي بهذه المخططات بما لا يجعل البعض يصبح أداة في مخططاتها. نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قال خلال ندوة لحركة التوحيد والإصلاح عرفت تقديم كتاب "مغربية الصحراء: مقتضيات شرعية وحقائق تاريخية" الجمعة الماضية، ضمن ندوات المعرض الدولي للكتاب، إن كل القرائن تدل على مغربية الصحراء وأنه لم تكن هناك دولة اسمها الصحراء، بل كانت دوما تحت السيادة المغربية، وأن كل ما حصل كان من تخطيط وتمويل الجزائر التي لا زالت لحد الساعة تعاكس المغرب في وحدته الترابية. وتابع الرسوني حديثه بالقول "لم يسبق لإخواننا في الصحراء أن ادّعوا بالتميز لا بعرق ولا بدين ولا بتاريخ مستقل ولا هوية على مر التاريخ، بل هناك اندماج تام وطبيعي وعفوي على مدى قرون بين من في الجنوب والشمال"، وأشار الريسوني إلى أن الانفصال ضد طبيعة الثقافة الإسلامية التي توحد جميع المنتمين إليها لتجعلهم في كيان واحد وأمة واحدة. الريسوني عدد بعضا من الاختلالات التي رافقت تدبير ملف الصحراء المغربية، حيث قال إن المغرب قصّر في استعادة الأقاليم الجنوبية وأنه استدرك ذلك متأخرا، موضحا أن المغرب ما كان عليه أن يسلّم باستقلال المغرب إلا بجميع مكوناته بما فيها الصحراء ومدينتي سبتة ومليلية "ولو انتظر المغرب سنة أو سنتين بعد الاستقلال لاسترجع جميع أراضيه". وأضاف الرسوني أن الدفاع عن الصحراء هو دفاع عن تاريخ وهوية ومواجهة للمخططات الاستعمارية التي مازال المقص يتحرك في خريطة الدول العربية والإسلامية، وقال الريسوني إن مخطط التقسيم الخطير لو نجح لا قدر الله في الجنوب سينتقل إلى الشمال. الريسوني وضمن عناوين قدمها مساهمة في الحل، قال إن المغرب مطالب بأن يصبح أكثر جاذبية في المنطقة ليقطع الطريق على الخصوم، "فهو نموذج اليوم في المنطقة لكن عليه التقدم أكثر، كما ينبغي معالجة الظلم الذي تعرضت له الفئات والمناطق وأن يعطي لكل ذي حق حقه في هذا البلد". من جانبه، قال محمد يتيم عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، إن المغرب مطالب بمقاربة قوية تقوم على انطلاقه من الإجماع الوطني وأن يتجاوز المقاربات السابقة التي خلقت بعض المشاكل وبعض جوانب النقص. نائب رئيس مجلس النواب، قال خلال الندوة ذاتها، إن المدخل الدعوي والثقافي والتربوي يشكلون مدخلا أساسيا للمرافعة لصالح قضية الصحراء المغربية، واعتبر أن مسؤولية "التوحيد والإصلاح" مضاعفة في التعريف بالقضية وفتح فضاءات للحوار حولها. وأضاف القيادي في حزب العدالة والتنمية، إن المغرب كلما تقدم في الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتعزيز الاختيار الديمقراطي كلما كان الانتصار حليفه في معركتنا ضد خصوم وحدتنا الترابية. وفي إطار حديثه عن بعض سلبيات تدبير ملف الصحراء المغربية، قال يتيم إن جزء منها يعود لتغليب المقاربة الأمنية، كما قال إنه تم التساهل مع منطق الريع مما خلق مشاكل استغلت من طرف خصوم الوحدة الترابية وبعضهم يوظف في ذلك الملف الحقوقي. يتيم قال إنه لا ينبغي نسيان الوضع المأساوي في مخيمات تندوف والذي يتم السكوت عنه، مؤكدا أنه لا مجال للمقارنة بين المغرب والجزائر حقوقيا، ودعا يتيم إلى ضرورة تنويع المقاربات ومدخلات الترافع لصالح قضيتنا الوطنية. المفكر المقرئ الإدريسي أبو زيد ، اختار أن يكون لمداخلته في الندوة ذاتها بعدا تاريخيا، حيث عاد إلى خطط استعمارية ضاربة في الزمن والتي استهدفت الصحراء المغربية بالاستغلال والتقسيم حتى قبل دخول الاستعمار الفرنسي أو الإسباني. وعاد أبو زيد لقصة الملكة إيزابيل والتي قال إنها خططت رفقة زوجها منذ قرون لتقسيم الصحراء الكبرى الممتدة من جنوب المغرب حتى منطقة سوى المصرية، حيث قال إن الملكة المذكورة خططت لقطع ما سماه بالحالبين في شرق وغرب الصحراء، وذلك قبل أن يكون لقضايا الثروة أو البحث عن منفذ للمحيط الأطلسي أي وجود. أبو زيد أجرى مقارنة بين ما وقع في جنوب السودان، وما يمكن أن يقع في جنوب المغرب لا قدر الله، مستندا في ذلك على مؤشرات في مخططات المستعمرين والتي قال جوابا عن أسئلة من استبعدوا التشابه بين جنوب السودان وجنوب المغرب، بأن العدو لا يفرق بين الجنوبين وإن تباينت بعض خصائص المنطقتين.