الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، من التنظير الأصولي إلى الممارسة المنظمة؛ كان هذا هو موضوع الأطروحة التي تمت مناقشتها يوم السبت بدار الحديث الحسنية للطالب اسماعيل الحفيان تحت إشراف الدكتور أحمد الريسوني. وقد تناول البحث بالدرس والتحليل قضية تجديد المنظومة الأصولية للاجتهاد لتستعيد دورها التشريعي الرائد للعلاقات والمرافق المختلفة في المجتمع، وذلك في ضوء المقتضيات العصرية: السياسية والدستورية والقانونية ... التي استقر عليها التنظيم المعاصر لمظاهر الحياة العديدة والمتنوعة.وقد لاحظ الباحث اسماعيل الحفيان أنه وبسبب التمركز والانحصار في تجربة السلف الاجتهادية، وأيضا بسبب الوقوع في شراك الصناعة الجدلية، والانجرار نحو القضايا الكلامية الصورية المنقطعة عن شؤون التكليف وحاجات الواقع، أصبحت - مباحث الاجتهاد - تؤدي دورا مناقضا لمقاصد الاجتهاد، وأدواره الشرعية والحضارية المطلوبة، فبدل أن يتحدث الدرس الاجتهادي عن التطوير، والتأطير لمظاهر التكليف المتجددة في حياة الناس؛ أصبح يتحدث عن نهاية عصر الاجتهاد، وإغلاق بابه، وخلو العصر عن القائم به، وفتح الباب لبديل آخر، يدعونه بمراتب الاجتهاد خ وهو مادون الاجتهاد المطلق- .كما خلص الباحث إلى قصور آليات الاجتهاد وأدواته الأصولية عن الهيمنة على شؤون التكليف المعاصرة؛ وذلك لأنه تأثر بالفقه الموروث واهتم فقط بالدلالة اللغوية القاصرة على النصوص الخاصة، وأغفل الدلالة الكلية التي تعنى بالمعاني العامة، أي أنه لم يتوسع في النظر في قواعد بحث المستحدثات والمستجدات غير المنصوصة. هذا وحاول الباحث أن يبسط صورة واضحة عن حقيقة الاجتهاد كما تصورها، وقد بين أن المشكلة ليست في العبارات والألفاظ، ولا في الألفاظ الجامعة المانعة، وإنما في ضرورة خلوه من الرواسب التي أثقلت ظهره، وأقعدته عن السير والحركة والعطاء. وأاضف أن تقديم مفهوم عملي جديد للاجتهاد، والأخذ بخيار المأسسة، يجعل كل متتبع يطرح هذا السؤال: أي تغيير أو تبديل سيفرضه هذا المفهوم الجديد للاجتهاد، وتفرضه معه مقتضيات التنظيم والمأسسة على الإرث الأصولي للاجتهاد بقواعده وبحوثه المتعددة. وقد كان الجواب على ذلك بأن تأثير المفهوم الجديد للاجتهاد، ومعه مقتضيات المأسسة لن تؤثر على منظومة الاجتهاد الموروثة إلا بشكل إيجابي ، وفي مباحث محدودة هي نفسها طارئة على أصول العمل الاجتهادي.