لأول مرة يكتب الجندي السابق مصطفى أديب تدوينة يعترف فيها، بصدق كبير، بأنه رجل كذاب، وبأن كل ما ادعاه عن الجهاز العسكري حين كان يعمل ضابطا فيه، ما هو إلا ادعاء وافتراء، وبأن كل ما كتبه عن وطنه لم يكن سوى تضليلا بغية تقمص دور المعارض كي يستفيد من مظلات المخابرات الفرنسية. فقد ختم تدوينة طويلة مليئة بالهلوسة والكذب، بالاعتراف بأنه كان عميلا لدى المخابرات الفرنسية، وبأنه كان “يقنطر”على أجهزتها كيفما شاء، ويبني لها قصورا من رمال عن وطنه… وبأن هذه الأجهزة رغم إمكانياتها كانت تقع فريسة لفخاخه الكثيرة. “كنت كنصيفطهم في شكارة مثقوبة… كنت كنعطيهم شي خيوط وكايفرحو..”، يقول مصطفى أديب. إنه الغرور يا أديب أن تظن أنك ضحكت على المخابرات الفرنسية، لأنها هي من ضحكت عليك بعد أن سخرتك في حربها الإعلامية القذرة التي تشنها ضد بلدك المغرب، قبل أن ترميك مثل “كلينكس” وتدفعك إلى الرحيل إلى الولاياتالمتحدةالامريكية بحثا عمن يمن عليك بلقمة عيش. وما كان الضابط السابق في القوات المسلحة الملكية لينتشي بعضلاته وصولاته، لو لم يرحل من فرنسا إلى الولاياتالمتحدة، حيث استقر به الحال اليوم، إلى أن يفر منها لاحقا إلى مكان آخر. والقيمة المضافة الأولى التي يقدمها مصطفى أديب، المصاب بتركيبة غريبة للأمراض النفسية، هي أنه خائن لوطنه ولمواطنيه. أما القيمة الثانية، فهي أنه اعتقد أن المخابرات الفرنسية تصدق كل من يعادي المغرب، علما أنها تعلم جيدا بأنها تتعامل مع مختلين ومعتوهين، لكنها تستخدم أسلوب التصفية كي تحصل على الندر اليسير من المعلومات مهما كانت مشوهة، “اللهم العمش ولا العمى”. وهذا الأسلوب المخابراتي يعتمد على تقنيات التمحيص والقياس، لأن الأمر يتعلق بضابط سابق في الجهاز العسكري. والقارئ لتدوينة مصطفى أديب سيكتشف من الوهلة الأولى أنها صادرة عن شخص فقد توازنه النفسي، فأصبح يحكي هلوسات مزخرفة بالخرافات والأساطير، حول ملك المغرب، وحول محيطه، وكذا العاملين في القصر الملكي، لأنه يعرف جيدا أن الكتابة عن القصور لها جاذبية خاصة عند القراء، سواء تعلق الأمر بالمغرب او اسبانيا او بريطانيا. والحالة هذه، فلا يعقل أن يحصل هارب من وطنه، ومعروف بعدوانيته لمواطنيه، على معلومات لا يمكن أن يحصل عليها المقربون للمحيط الملكي، مهما كانت درجة المبالغة الواردة في تدوينته. فهو يقول في آخرها إنه لم يسبق ان قدم معلومات كاذبة في تدويناته، وفي نفس الوقت يتحدث عن المعلومات الكاذبة التي سلمها للأجهزة الفرنسية، ثم على بعد سطر واحد يتقدم بأخبار كاذبة ومزيفة تتحدث عن برنامج الملك في القصر الملكي، ومنها أنه سيخرج في جولة في طنجة أو في اكادير يوم الاربعاء. طيب، وما دمت تتحدى “قراءك” حين كتبت “اعطوني خبرا واحدا قلته وثبت انه خاطئ”، ها نحن نقول لك انك كذبت مادام الاربعاء انتهى، ولم نر أثرا لما تدعيه، وبالتالي ومادمنا لا نعرف عنك سوى انك كذاب، فقد كان الأجدر بك أن تتحدى قراءك على هذه الطريقة “اعطوني خبرا واحدا سبق أن قلته صادقا”. لقد شتمت المغاربة كما تشاء، وبنفس الطريقة التي نعت بها الحسين المجدوبي المغاربة بالسدج. بل وتطاولت على ثوابت البلد بكل وقاحة ودناءة. ومع ذلك، فستظل هاربا كالفأر، تتقاذفك حيوط دول غريبة، وتصفعك ايادي الغرباء، بل وتنكل بك كما تشاء، مثل ما فعله بك ذلك المتقاعد الفرنسي في منتصف الليل، أمام باب حانة بساحة إيطاليا بباريس، حين جردك من قميصك الشتوي، وألزمك بالانحناء لتقبيل حذاءه، بشكل عنصري، أمام أعين مرتادي الحانة. ولولا تدخل مواطن تونسي يعمل بالحانة، لنلت ما تستحقه من تنكيل وتحقير واستعباد. وأخيرا، فالمغاربة ينعتون من قل أدبه وساءت سمعته ب”السلقوط”، أما الشخص غير الناضج فينعتونه ب”البرهوش” أو “البعلوك”. فأما “سلقوط” فغير بعيدة عن الفرنسية “sale gosse”، واما “برهوش” فمن الأمازيغية “أبرهوش”، وأما “البعلوك” فمن اللغة العربية الأصيلة “صعلوك”، وفيك يا أديب تصلح كل النعوت.