ليس المجال هنا من أجل استقراء تاريخ المغاربة وعلاقتهم بكتاب الله وحبهم له، و حفظهم له حفظا وعملا، مع بناء المؤسسات لذلك ، و انشاء الوقف، ودعم هذا العمل العظيم النبيل، فذلك لا ينكره احد، ولا يجهله احد، فقد دلت عليه الأحداث والآثار والوقائع، وإنما الحديث هنا، حول جملة من الناس من أخطر خلق الله واشظهم شرا، واعني من جعلوا حب كتاب الله طريقا لقضاء أغراضهم المنحطة، وامراضهم وشهواتهم المنحرفة، فقد استغل ضعاف النفوس حب المغاربة لكتاب الله، هذا الحب الذي جعلهم يسلمون او سلموا أبنائهم وبناتهم إلى بعض الوحوش المفترسة، كل ذلك تحت رغبة الحكومات طرف الأبناء ، دون مراعة شروط حفاظ أو حماية أو رعاية، ودون شروط تربوية نفسية، بل احيانا يستعمل الدين لتغطية الشرور، كالتظاهر بالحياء و إبداء الجد والصرامة والحزم، وتحت الجلباب ما تحت الجلباب. فلا عجب أن نكتشف بين الحين والحين بعض الضحايا من كثير من الصامتات والصامتين، الذين يعدمون ويموتون نفسيا كل يوم، والذين يكبرون بجراح عميقة في شخصيتهن وشخصيتهم، يبكون في خفاء وبرعب شديد كلما اختلوا أو اختلين بانفسهن، بل يحملن ويحملون أسرارا قاسية وعذابات نفسية وهم أو هن يشعرون بالضعف وغياب النصرة. لقد ان الأوان أن توضع معايير وشروط و رقابة في كل نظام التعليم العتيق، ومدارس حفظ القرآن الكريم، من شفافية ومراقبة ومعرفة دقيقة للاشخاص، الذين يسهرون على هذه المؤسسات، وخاصة في البوادي والقرى، لحماية أطفال المغرب من هذه المخاطر، والمنزلقات والمخلوقات، خاصة وأن هناك اعتقاد فاسد أن وقوع الاغتصاب على الفتاة ليس كوقعه على الفتى، في عنصرية وتمييز صارخ فاسد منحط، وكان الفتاة أداة للمتعة والجنس من ولادتها إلى مماتها. لقد وقع خطأ كبير، وخلط كبير، فهناك فرق هائل شاسع بين حافظ لكتاب الله، و أن يكون خلقه القرآن الكريم ، فالمعادلة ليست تبادلية، والحفظ لا يعني الملائكية، وكم من حافظ سارق للمال العام، وكم من حافظ مغتصب للاطفال. فحفظ كتاب الله لا يعني دوما ورع واستقامة، ولقد كان المنافقون على عهد رسول الله وقبل وفاته صلى الله عليه وسلم يستشهدون بالقرآن الكريم ضده وعليه انزل. لقد بلغ من سوق التدين في المغرب، أن أغرى بثير من فقهاء الشرق، فجاءوا للتسوق من سوق مفتوحة، وجاؤوا ببضاعة منمقة براقة، ولازلت أتذكر يوم جاء أحد تجارهم إلى مدينة فاس فلم يجدوا قاعة مناسبة لحجم الجمهور، وكم وفد من المتلاعبين بالمشاعر والنفوس والعقول، فجاءوا تحت والتزامها الذاكرة الخارقة، وطريقة جديدة لتقوية الذاكرة وتسريع الحفظ!!؟؟؟ وبالتالي استغلوا هذا الحب لكتاب الله، فذهبوا من المغرب بالمال والعرض، لأن الجهل بالدين والسذاجة في الحياة ضاربة اطنابها، ومعششة في العقول، ويكفي أن يأتي أحد الأسماء الإعلامية المعروفة، حتى ترى الاقتتال على الصفوف الأولى، مع المجيئ في أبهى حلة، و احسن هيئة، وكانهن عرائس في ليلة الزفاف، وهو منظر اقرا منه الكثير، و هي لحظة يذهب ويغيب فيها العقل وتشرح الخواطر ، والمشاعر، فلا يقع الكلام موضع التأمل، والتفكر، وإنما موضع الاستيلاب والاستسلام، وهو المنفذ إلى المال و الأجساد احيانا.. فيكفي سبحة وعمامة وتمتمات حتى تري الضحايا يأتين بارجلهن!؟؟ ان الاوان أن يقال هناك غباء وتسيب بل عقد ( حرف العين بالضمة) من أن التدين قادم من الشرق، وان تدينا هناك ، معه الاجر والسعادة، مع استعمال لغة تظهر أهمية الحفظ حتى ولو لم يكن حد أدنى من الفهم، وهو أمر فيه من ما فيه، ولو عادوا لقول بن خلدون في خطورة الحفظ دون الفهم لكان درسا وعبرة. ولو أنهم قرؤوا قليلا من بن رشد لأصبحت لديهم مناعة من كل هذه الأوهام و الأمراض. ان اكتشاف جرائم مرتبطة بمؤسسات تعليم القرآن الكريم، تفرض علينا ثلاثة مواقف واسئلة 1- مراجعة نظام هذه المؤسسات، بحيث تجمع بين التعلم والحفظ لكتاب الله، ضمن شروط وظروف تناسب العصر وتستجيب لكل ما يحفظ المستهدفين بالعملية التعليمية 2- السهر على تأطير وتكوين القائمين بالعملية التعليمية و القيام بمباريات يكتشف من خلالها مؤهلاتهم العلمية وتوازنهم النفسي، والعقلي و توفر حد أدنى من المعلومات الشخصية المناسبة للمهمة 3- القيام بحملة توعية تحسيسية لبناء علاقة الثقة بين الأطفال وأسرهم من أجل التبليغ عن كل انحراف أو سلوك لا تحمد عواقبه ونهايته. لقد أن الأوان أن نعيد ترتيب فضائتنا التربوية والتعليمية ومنها فضاءات قد تستغل حب المغاربة لكتاب الله فتجعل أبنائهم قرابين لشياطين الانس. استاذ التعليم العالي بفاس*